للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قومنا، لا يعرفون لنا شرفًا ولا سنًّا، لَبَطْنُ الأرض اليوم خير من ظهرها، قال أبو قتادة: وقد كنت ذكرت قوله للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ابنه خير منه"، قال أبو قتادة: فلقيني نفر من قومي، فجعلوا يؤنبونني، ويلومونني حين رفعت مقالته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلت لهم: بئس القوم أنتم، وَيْحَكُم عن الجدّ بن قيس تذبّون؟ قالوا: نعم، كبيرنا، وسيدنا، فقلت: قد والله طرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سؤدده عن (١) بني سلمة، وسَوّد علينا بشر بن البراء بن مَعرُور، وهدمنا المنامات التي كانت على باب الجدّ، وبنيناها على باب بشر بن البراء، فهو سيدنا إلى يوم القيامة.

قال أبو قتادة: فلما دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى البيعة فَرّ الجدّ بن قيس، فدخل تحت بطن البعير، فخرجت أعدو، وأخذت بيد رجل كان يكلمني، فأخرجناه من تحت بطن البعير، فقلت: ويحك ما أدخلك ها هنا؟ أفرارًا مما نزل به روح القدس؟ قال: لا، ولكني رُعِبت، وسمعت الهيعة، قال الرجل: لا نَضَحْتُ عنك أبدًا، وما فيك خير، فلما مَرِض الجدّ بن قيس، ونزل به الموت لزم أبو قتادة بيته، فلم يخرج حتى مات، ودُفن، فقيل له في ذلك؟، فقال: والله ما كنت لأصلي عليه، وقد سمعته يقول يوم الحديبية: كذا وكذا، وقال في غزوة تبوك: كذا وكذا، واستحييت من قومي يرونني خارجًا ولا أشهده. ويقال: خرج أبو قتادة إلى ماله بالواديين، فكان فيه حتى دُفن، ومات الجدّ في خلافة عثمان. انتهى (٢).

وقوله: (اخْتَبَأَ تَحْتَ بَطْنِ بَعِيرِهِ)؛ يعني: أنه اختفى، وذكر ابن هشام في "سيرته" قال: فكان جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - يقول: والله لكأني أنظر إليه لاصقًا بإبط ناقته، قد ضبأ (٣) إليها يستتر بها من الناس. انتهى (٤).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٤٨٠٢] (. . .) - (وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَعْوَرُ مَوْلَى سُلَيْمَانَ بْنِ مُجَالِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ


(١) هكذا النسخة، والظاهر أنها "على".
(٢) "مغازي الواقديّ" ١/ ٥٩١.
(٣) أي: التجأ إليها، واستتر بها.
(٤) "الروض الأُنُف" للسهيليّ ٧/ ٦٤.