الملائكة، وعَلِقَت امرأته تلك الليلة بابنه عبد الله بن حنظلة، فمات النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وله سبع سنين، وقد حفظ عنه.
قال الحافظ: وأتى الكرمانيّ بأعجوبة، فقال: ابن حنظلة، هو الذي كان يأخذ البيعة ليزيد بن معاوية، والمراد به: نَفْس يزيد؛ لأن جدّه أبا سفيان كان يُكنى أيضًا أبا حنظلة، فيكون التقدير: إن ابن أبي حنظلة، ثم حذف لفظ "أَبِي" تخفيفًا، أو يكون نُسِب إلى عمه حنظلة بن أبي سفيان؛ استخفافًا، واستهجانًا، واستبشاعًا بهذه الكلمة الْمُرّة. انتهى.
قال: ولقد أطال - رحمه الله - في غير طائل، وأتى بغير الصواب، ولو راجع موضعًا آخر من البخاريّ لهذا الحديث بعينه، لرأى فيه ما نصّه:"لَمّا كان يوم الحرّة، والناس يبايعون لعبد الله بن حنظلة، فقال عبد الله بن زيد: علام يبايع ابن حنظلةُ الناس. . ." الحديث، وهذا الموضع في أثناء غزوة الحديبية من "كتاب المغازي"، فهذا يرُدّ احتماله الثاني، وأما احتماله الأول فيردّه اتفاق أهل النقل على أن الأمير الذي كان من قِبَل يزيد بن معاوية اسمه مسلم بن عقبة، لا عبد الله بن حنظلة، وأن ابن حنظلة كان الأمير على الأنصار، وأن عبد الله بن مطيع كان الأمير على من سواهم، وأنهما قُتِلا جميعًا في تلك الوقعة، والله المستعان.
(فَقَالَ) عبد الله بن زيد (عَلَى مَاذَا؟)؛ أي: على أي شيء يبايعهم؟ (قَالَ) الآتي (عَلَى الْمَوْتِ)؛ أي: يبايعهم على أن يموتوا مقاتلين العدوّ دون فرار. (قَالَ) عبد الله - رضي الله عنه - (لَا أُبَايِعُ عَلَى هَذَا)؛ أي: على الموت، (أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وقع في رواية الإسماعيليّ من الزيادة قوله: "وقُتل عبد الله بن زيد يوم الحرّة".
قال في "الفتح": فيه إيماء إلى أنه بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وليس بصريح، ولذلك عقّبه البخاريّ بحديث سلمة بن الأكوع - يعني: الحديث الذي قبل هذا عند مسلم - لتصريحه فيه بذلك.
قال ابن المنير - رحمه الله -: والحكمة في قول الصحابيّ: إنه لا يفعل ذلك بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كان مستحَقًّا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - على كل مسلم أن يقيه بنفسه، وكان فرضًا