للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هي التي في نواصيها الخير، وأما إذا كانت معدّة لِلْفِتَن، وقتل المسلمين، وسلبهم، وتفريق جمعهم، وتشريدهم عن أوطانهم، فتلك خيل الشيطان، وأربابها حزبه، وفي مثلها - والله أعلم - ورد أن اكتسابها وزر على صاحبها؛ لأنه قد جاء عنه أنها قد تكون وِزْرًا لمن لم يرتبطها، ويجاهد عليها، وكان قد اتخذها فَخْرًا، ومناوأة للمسلمين، وأذى لهم، وعونًا عليهم، قال: وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن ندبه إلى اكتسابها من أجل جهاد العدوّ عليها، والله أعلم. انتهى (١).

٦ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أن الذي ورد فيها من الشؤم (٢) على غير ظاهره، لكن يَحْتَمِل أن يكون المراد هنا: جنس الخيل؛ أي: أنها بصدد أن يكون فيها الخير، فأما من ارتبطها لعمل غير صالح فحصول الوزر لطريان ذلك الأمر العارض، قاله في "الفتح" (٣).

وقال النوويّ - رحمه الله -: وأما الحديث الآخر: الشؤم قد يكون في الفرس فالمراد به: غير الخيل المعدّة للغزو ونحوه، أو أن الخير والشؤم يجتمعان فيها، فإنه فُسِّر الخير بالأجر والمغنم، ولا يمتنع مع هذا أن يكون الفرس مما يُتشاءم به. انتهى (٤)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الرابعة): قال في "الفتح": رَوَى حديث: "الخيل معقود في نواصيها الخير" جَمْعٌ من الصحابة - رضي الله عنهم -، وهم: ابن عمر، وعروة البارقيّ، وأنس بن مالك، وجرير بن عبد الله، وهؤلاء عند مسلم، وسلمة بن نُفَيل، وأبو هريرة، عند النسائي، وعتبة بن عبد، عند أبي داود، وجابر، وأسماء بنت يزيد، وأبو ذرّ، عند أحمد، والمغيرة، وابن مسعود، عند أبي يعلى، وأبو كبشة، عند أبي عوانة، وابن حبان في "صحيحيهما"، وحذيفة، عند البزار،


(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١٤/ ٩٦ - ٩٧.
(٢) حديث: "إنما الشؤم في ثلاثة" سيأتي البحث فيه مستوفًى في كتاب "السلام" - إن شاء الله تعالى -.
(٣) "الفتح" ٧/ ١١٩، كتاب "الجهاد" رقم (٢٨٤٩).
(٤) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٦ - ١٧.