للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زرعة، وهو والصحابي - رضي الله عنه - كوفيّان، وفيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض، ورواية الأولين من رواية الأقران؛ لأنهما من الطبقة الخامسة.

شرح الحديث:

(عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ) البجليّ - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَلْوي)؛ أي: يفتل، ويَعطف، ويميل من جانب إلى جانب، (نَاصِيَةَ فَرَسٍ) الناصية: هي الشعر المنسدل على الجبهة، وقوله: (بِإِصْبَعِهِ) وفي بعض النسخَ: "بإصبعيه"، وقد تقدّم أن في الإصبع عشر لغات، تثليث الهمزة، مع تثليث الباء، والعاشر، أُصبوع، بضمّ الهمزة، بوزن أُسبوع، وأفصحها كسر الهمزة، مع فتح الباء.

وفيه استحباب خدمة الرجل فرسه المعدّة للجهاد، قاله النوويّ (١).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وَلَيُّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ناصية فرسه بيده؛ ليحسّها، ويتعاهدها، ويُكرمها بذلك، كما قال: "ارتبطوا الخيل، وامسحوا نواصيها، وأكفالها، وجلودها" (٢). انتهى (٣).

وقوله: (وَهُوَ يَقُولُ) جملة في محلّ نصب على الحال، ("الْخَيْلُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِيهَا)؛ أي: ملازم لها أشدّ الملازمة حتى كأنه مربوط بها، وفي حديث عروة - رضي الله عنه - الآتي: "معقوص" بالصاد المهملة، وهما بمعنى واحد؛ أي: مَلْويّ، ومضفور فيها (الْخَيْرُ) وقوله: (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) متعلّق بـ "معقود"، وهو كناية عن كون الخير لا ينفكّ عنها في زمن من الأزمان، ويُفهم منه دوام حكم الجهاد إلى يوم المعاد (٤).

وقوله: (الأَجْرُ، وَالْغَنِيمَةُ") تفسير للخير المذكور، وهو مرفوع على البدليّة، أو عطف البيان لـ "الخير"، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هو الأجر والغنيمة، قال القرطبيّ - رحمه الله -: وهذا المعنى هو الذي عُبّر عنه بالبركة في حديث أنس - رضي الله عنه - الآتي (٥).


(١) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٧.
(٢) حديث حسن، أخرجه أبو داود في "سننه" (٣/ ٢٤).
(٣) "المفهم" ٣/ ٧٠٣.
(٤) "المفهم" ٣/ ٧٠٣.
(٥) "المفهم" ٣/ ٧٠٣.