للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (عَمْرٌو النَّاقِدُ) هو: عمرو بن محمد بن بُكير، أبو عثمان البغداديّ، نزيل الرَّقّة، ثقةٌ حافظٌ [١٠] (ت ٢٣٢) (خ م د س) تقدّم في "المقدمة" ٤/ ٢٣.

٢ - (سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) تقدّم قبل باب.

والباقون ذُكروا في الباب.

وقوله: (لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: يُجرح، والكُلُوم: الجراح، معروف ذلك في لسان العرب معرفةً يُستغنى بها عن الاستشهاد عليها بشيء، ومن أملح ما جاء في ذلك قول حسان بن ثابت - رضي الله عنه - يصف امرأة ناعمةً، طريةً، زَعَم أن الذرّ لو مشى عليها لجرحها جراحًا تصيح منها، وتَندُب نفسها، فقال [من الخفيف]:

لَوْ يَدِبُّ الْحَوْلِيّ مِنْ وَلَدِ الذَّرْ … رِ عَلَيْهَا لأَنْدَبَتْهَا الْكُلُومُ

وقوله: (فِي سَبِيلِ اللهِ) معناه: الجهاد، وملاقاة أهل الحرب من الكفار، قال ابن عبد البرّ - رحمه الله -: على هذا خرج الحديث، ويدخل فيه بالمعنى كلُّ من جُرح في سبيل بِرٍّ وحَقٍّ، مما أباحه الله؛ كقتال أهل البغي، والخوارج، وغيرهم، واللصوص، والمحاربين، أو آمر بمعروف، أو ناهٍ عن منكر، ألا ترى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قُتِل دون ماله فهو شهيدٌ". انتهى (١).

وقوله: (وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ) قال الزرقانيّ - رحمه الله -: هذه الجملة معترضة بين المستثنى منه والمستثنى، مؤكِّدة، مقرِّرة لمعنى المعترَض فيه، وتفخيم شأن من يُكْلَم في سبيل الله، ونظيره قوله تعالى: {قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} الآية [آل عمران: ٣٦]؛ أي: بالشيء الذي وضعت، وما عُلِّق به من عظائم الأمور، ويجوز أن يكون تتميمًا للصيانة عن الرياء، والسمعة، وتنبيهًا على الإخلاص في الغزو، وأن الثواب المذكور إنما هو لمن أخلص لتكون كلمة الله هي العليا. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "والله أعلم. . . إلخ" فيه تنبيه على وجوب


(١) "الاستذكار" ٥/ ٩٧.
(٢) "شرح الزرقانيّ على الموطّأ" ٣/ ٤٦.