خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأيته يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع … " الحديث، فقد صرّح أيضًا بأن أباه حدّثه.
[الثاني]: أن الأئمة خالفوا ما ذُكر عن ابن معين، فنصّوا على أن علقمة سمع من أبيه، فمنهم: الإمام البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ -، فقد نصّ في "التاريخ الكبير" (٧/ ٤١) على أن علقمة بن وائل سمع أباه.
ومنهم: الإمام الترمذيّ - رَحِمَهُ اللهُ -، فقال في "جامعه" بعد أن أخرج حديث علقمة بن وائل عن أبيه (١٤٥٤) في "الحدود": هذا حديث حسنٌ غريبٌ صحيح، وعلقمة بن وائل بن حجر، سمع من أبيه، وهو أكبر من عبد الجبّار بن وائل، وعبد الجبّار لَمْ يسمع من أبيه.
ومنهم: الإمام ابن حبّان في "ثقاته"، قال: علقمة سمع أباه، وعبد الجبّار لَمْ يرَه، مات أبوه وأمه حامل به. انتهى (١).
وأما ما نقله في "نصب الراية" عن الترمذيّ في "علله الكبير"، قال: سألت محمد بن إسماعيل: هل سمع علقمة من أبيه؟ فقال: إنه وُلد بعد موت أبيه بستة أشهر، فإنه غلطٌ بلا شكّ، فإن هذا إنما قاله البخاريّ في أخيه عبد الجبّار، كما نصّ عليه في "التاريخ الكبير" (٦/ ١٠٦ و ١٠٧)، وقد نقل الترمذيّ نفسه هذا أيضًا عن البخاريّ، فقال في "الجامع" عقب الحديث الذي أخرجه فيه (١٤٥٣) ما نصّه: وسمعت محمدًا - يعني: البخاريّ - يقول: عبد الجبّار بن وائل لَمْ يسمع من أبيه، ولا أدركه، يقال: إنه وُلد بعد موت أبيه بأشهر.
والحاصل أن الراجح صحّة سماع علقمة من أبيه؛ لِمَا ذُكر من الأدلّة الصحيحة الواضحة، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
ثم إن ما قيل: إن عبد الجبّار وُلد بعد موت أبيه يعكُرُ عليه ما أخرجه أبو داود في "سننه" (٧٢٣) من طريق محمد بن جُحَادة، حدثني عبد الجبار بن وائل بن حُجْر، قال: كنت غلامًا لا أَعْقِل صلاة أبي، قال: فحدّثني وائل بن علقمة، عن أبي وائل بن حجر، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا كبّر