للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومارضٌ، جَمْعه مِرَاضٌ، ومَرْضَى، ومَرَاضَى، أو الْمَرْضُ - بفتح، فسكون - للقلب خاصّةً، وبالتحريك، أو كلاهما: الشكُّ، والنفاقُ، والفُتُور، والظُّلْمة، والنقصانُ. انتهى (١).

والمعنى: أن ذلك الرجل مرض بعد أن تجهّز للخروج للجهاد في سبيل الله، مرضًا منعه من الخروج، فأمره - صلى الله عليه وسلم - أن يدفع جهازه لهذا الرجل؛ لينال أجر من غزا، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث التالي: "من جهّز غازيًا في سبيل الله، فقد غزا"، ولذا أوصى الرجل امرأته أن لا تحبس من جهازه شيئًا، والله تعالى أعلم.

(فَأَتَاهُ)؛ أي: أتى الرجل الطالب للجهاز الرجلَ الذي تجهّز، فمرض (فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُقْرِئُكَ السَّلَامَ) بضمّ حرف المضارع، من الإقراء، ولا يجوز فتح الياء؛ لأنه لا يتعدّى بنفسه، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: يقال: قرأت على زيد السلامَ أَقْرَؤه عليه قراءةً، وإذا أمرتَ منه قلتَ: اقرَأْ عليه السلام، قال الأصمعيّ، وتَعْدِيَته بنفسه خطأٌ، فلا يقال: اقرَأْهُ السلامَ؛ لأنه بمعنى اتلُ عليه، وحَكَى ابن القطّاع أنه يتعدّى بنفسه رُباعيًّا، فيقال: فلانٌ يُقرئك السلامَ. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الصواب أن ثلاثيّه يتعدّى بـ "على"، فيقال: فلانٌ يَقْرَأُ عليك السلام بفتح الياء، وأن رباعيّه يتعدّى بنفسه، فيقال: فلان يُقْرئك السلام بضمّ الياء، ولا يجوز العكس، فتنبّه، فكثيرًا ما نسمع الغلط فيه من عوامّ الطلبة، وبالله تعالى التوفيق.

وقد أشرت إلى ما ذكرت بقولي:

وَلَا تَقُلْ يَقْرَؤُكَ السَّلَامَا … بِفَتْحِ يَائِهِ إِذًا تُلَامَا

بَلْ عَدِّهِ بِحَرْفِ جَرٍّ فَقُلِ … عَلَيْكَ يَقْرَأُ السَّلَامَ الْمُعْتَلِي

وَإِنْ تَقُلْ يُقْرِئُكَ السَّلَامَا … بَضَمِّ يَائِهِ فَلَا مَلَامَا

لأَنَّهُ بِنَفْسِهِ مُعَدّى … وَمَنْ يُخَالِفْ مَا مَضَى تَعَدَّى

(وَيَقُولُ: أَعْطِنِي الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ) قال النوويّ - رحمه الله -: فيه فضيلة الدلالة


(١) "القاموس المحيط" ص ١٢١٧ - ١٢١٨ بزيادة بعض الإيضاح.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٢.