ونحوه لسعيد بن منصور من وجه آخر، عن أبي إسحاق، وزاد في أوله: أنه قال: "أخيرٌ لي أن أُسلم؟ قال: نعم، فأسلم"، فإنه موافق لقول أبي هريرة:"إنه دخل الجنّة، وما صلى لله صلاةً".
وأما كونه من بني عبد الأشهل، ونُسب في رواية مسلم إلى بني النبيت، فيمكن أن يُحمل على أن له في بني النبيت نسبةً ما، فإنهم إخوة بني عبد الأشهل، يجمعهم الانتساب إلى الأوس. انتهى (١).
(فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنَّكَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) وفي رواية إسرائيل: "أتى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ مُقَنَّعٌ بالحديد، فقال: يا رسول الله، أقاتل، أو أسلم؟، قال: "أسلم، ثم قاتل"، فأَسْلَم، ثم قاتل، فقُتل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عَمِل قليلًا، وأُجر كثيرًا".
(ثُمَّ تَقَدَّمَ)؛ أي: إلى صفّ العدوّ (فَقَاتَلَ، حَتَّى قُتِلَ) بالبناء للمفعول، (فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "عَمِلَ) بفتح، فكسر، من باب فَرِحَ، (هَذَا) الرجل (يَسِيرًا) صفة لمصدر محذوف؛ أي: عَمَلًا قليلًا، (وَأُجِرَ) بالبناء للمفعول، (كَثِيرًا")؛ أي: أعطي أجرًا كثيرًا، وفيه أن الأجر الكثير قد يَحصل بالعمل اليسير؛ فضلًا من الله - سبحانه وتعالى -، وإحسانًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث البراء - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٤١/ ٤٩٠٦](١٩٠٠)، و (البخاريّ) في "الجهاد" (٢٨٠٨)، و (الطيالسيّ) في "مسنده" (١/ ٩٨)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٤/ ٢٠٣)، و (أحمد) في "مسنده" (٤/ ٢٩٠ و ٢٩٣)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٤٦٠١)، و (سعيد بن منصور) في "سننه" (٢/ ٢٥٥)، و (ابن منده) في "الإيمان" (١/ ٤٠٥)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٤/ ٤٥٩)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٩/ ١٦٧)، والله تعالى أعلم.