للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كل فعل يصدر من الحيوان بقصده، فهو أخصّ من الفعل؛ لأن الفعل قد يُنسب إلى الحيوانات التي يقع منها فِعل بقصد، وقد يُنسب إلى الجمادات، والعمل قلّما ينسب إلى ذلك، ولم يُستعمل في الحيوانات إلا في قولهم: الإبل والبقر العوامل، وقيل: العمل حركة البدن بكلّه أو بعضه، وربما أطلق على حركة النفس، فهو إحداث أمر، قولًا كان أو فعلًا بالجارحة، أو القلب، لكن الأسبق للفهم اختصاصه بالجارحة، وخضه البعض بما لا يكون قولًا، ونوقش بأن تخصيص الفعل به أَولى من حيث استعمالهما متقابلين، فيقال: الأقوال، والأفعال، وقيل: القول لا يسمى عملًا عُرْفًا، ولذا يُعطف عليه، فمن حلف لا يعمل، فقال، لم يحنث، وقيل: التحقيق: إنه لا يدخل في العمل، والفعل إلا مجازًا. انتهى (١).

(بِالنِّيَّةِ) بالإفراد، وسنبيّن اختلاف ألفاظه في المسائل إن شاء الله تعالى، و"النية": مصدر نَوَى ينوي، قال الجوهري: نويت نيَّة ونَوَاةً؛ أي: عَزَمت، وانتويت مثله، وهي بالتشديد على المشهور، وحُكِي تخفيفها.

وقال الفيّومّي - رحمه الله -: نَوَيتُهُ أنويه: قصدته، والاسم: النيّة، والتخفيف لغة حكاها الأزهريّ، وكأنه حُذِفت اللام، وعُوِّض عنها الهاء على اللغة، كما قيل في ثُبَةٍ، وظُبَةٍ.

وفي "المُحْكَم": النيّة مثقّلةً، والتخفيف عن اللِّحيانيّ وحده، وهو على الحذف، ثم خُصِّصت النية في غالب الاستعمال بعزم القلب على أمر من الأمور، والنية: الأمر، والوجه الذي تنويه. انتهى (٢).

واختلفوا في تفسيرها: فقيل: هو القصد إلى الفعل، وقال الخطابيّ: هو قصدك الشيء بقلبك، وتحري الطلب منك له، وقال التيميّ: هنا وِجْهة القلب، وقال البيضاويّ: النية عبارة عن انبعاث القلب نحو ما يراه موافقًا لغرض، من جلب نفع، أو دفع ضر، حالًا أو مآلًا، وقال النوويّ: النية: القصد، وهي عزيمة القلب، وقال الكرمانيّ: ليس هو عزيمة القلب، لِمَا قال المتكلمون:


(١) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٨/ ٣٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣١ - ٦٣٢.