للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَقَلِيلٌ قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ". قَالَ ابْنُ مِقْسَمٍ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِيكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ: "وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ) تقدّم قريبًا.

٢ - (جَرِيرُ) بن عبد الحميد، تقدّم قبل باب.

٣ - (سُهَيْلُ) بن أبي صالح ذكوان السّمّان، تقدّم قريبًا.

والباقيان ذُكرا قبله.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا) استفهاميّة؛ أي: أيَّ شيء (تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟)؛ أي: تحسبونه، وتظنّونه، (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ) شرطيّة، وجوابها "فهو شهيد"، (قُتِلَ) بالبناء للمجهول، (فِي سَبِيلِ اللهِ)؛ أي: لأجل إعلاء كلمة الله - سبحانه وتعالى -، لا لغرض آخر دنيويّ، (فَهُوَ شَهِيدٌ، قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا) بتنوين العوض؛ أي: إذا كان الشهيد هو من قُتل في سبيل الله فقط، فشهداء أمتي "لَقَلِيلٌ") أفرد الخبر؛ لأن قليلًا يُستعمل للواحد، وللجماعة، قال الجوهريّ - رحمه الله -: وقوم قليلون، وقليلٌ أيضًا، قال تعالى: {وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ} [الأعراف: ٨٦]، ومثله "الكثير فقال الجوهريّ أيضًا: وقومٌ كثيرٌ، وهم كثيرون. انتهى (١). وقال الفيّوميّ: قال يونس: ويقال: رجالٌ كثيرٌ، وكثيرةٌ، ونساء كثيرٌ، وكثيرة. انتهى (٢). (قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَنْ قُتِلَ)؛ أي: قتله الكفّار مقبلًا غير مدبر، وصابرًا محتسبًا، كما جاء في الحديث الآخر، فمن قُتل مدبرًا، فلا حظّ له من ذلك، وكذا من قُتل مرائيًا، لا حظّ له. (فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ)؛


(١) "الصحاح" للجوهريّ (٨٨٢ و ٩٠٢).
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٢٦.