قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - تحقيقٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
وفَرّقَ الأوزاعي - رَحِمَهُ اللهُ - بين الحال التي للناس فيها جماعة وإمام، فحَمَلَ الحديث عليها، وأما في حال الاختلاف والفُرْقة، فليستسلم، ولا يقاتل أحدًا.
قال الجامع عفا الله عنه: ويرد على ما قاله الأوزاعيّ - رَحِمَهُ اللهُ - كما قال الحافظ - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي تقدّم قبل هذا بلفظ:"أرأيت إن جاء رجل، يريد أخذ مالي" قال: "فلا تعطه"، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال:"فاقتله"، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال:"فأنت شهيد"، قال: أرأيت إن قتلته؟ قال:"فهو في النار".
فإنه - صلى الله عليه وسلم - في نصّه هذا لَمْ يخصّ حالةً دون حالة، بل أطلق المقاتلة، وأمره أن يقاتل كلَّ من بغى عليه، فلو كانت الحال التي فيها الجماعة والإمام لا يحل المقاتلة فيها، لبيّنها - صلى الله عليه وسلم -، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[٦٥/ ٣٦٨](١٤١)، و (البخاريّ) في "المظالم والغصب"(٢٤٨٥)، و (أبو داود) في "السنّة"(٤٧٧١)، و (الترمذيّ) في "الديات"(١٤١٩)، و (النسائيّ) في "المحاربة"(٤٠٨٦ و ٤٠٨٧ و ٤٠٨٨ و ٤٩٨٩ و ٤٠٩٠ و ٤٠٩١)، وفي "الكبرى"(٣٥٤٧ و ٣٥٤٨ و ٣٥٤٩ و ٣٥٥٠ و ٣٥٥١ و ٣٥٥٣)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ١٦٣ - ٢٠٦ - ٢١٧٩٩)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(١٢٨ و ١٢٩)، و (أبو نُعيم) في "مستخرجه"(٣٦٥).
وأما فوائده فقد تقدّمت في الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجَّاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال: