للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعد القاف، ويرى الضمير فيه راجعًا إلى الأرض، ويفسّر النقب بالطريق، وليس ذلك بشيء، ومن التصحيفات التي زَلَّ فيه العالِم فضلًا عن الجاهل. انتهى.

وقال الطيبيّ - رحمه الله -: قوله: "نقيها" يَحْتَمل الحركات الثلاث، أن يكون منصوبًا مفعولًا به؛ لأن "بادر" يتعدّى إلى المفعول الأول بالواسطة وبغيرها، وكذا إلى المفعول الثاني، وهذا من هذا القِسْم، وجعل ذهاب النقي بمنزلة المبادرة إلى الغاية، وجاء بالمفاعلة، و"بها" حال منه؛ أي: بادروا نقيها إلى المقصد ملتبسًا بها، أو من الفاعل؛ أي: ملتبسين بها، ويجوز أن تكون الباء سببيّةً؛ أي: بادروا بسبب سَيْرها نقيها، وأن تكون للاستعانة؛ أي: بادروا نقيها مستعينين بِسَيْرها، ومنه الحديث: "بادروا بالأعمال ستًّا،. . . الدخان، والدجّال. . ." الحديث، رواه مسلم.

ويجوز أن يكون "نقيها" مرفوعًا فاعلًا بالظرف، وهو حال؛ أي: بادروا إلى المقصد ملتبسين بها نقيها، أو مبتدأ، والجارّ والمجرور خبره، والجملة حال، كقولهم: فوه إلى فيّ، وأن يكون مجرورًا بدلًا من الضمير المجرور، والمعنى: بادروا بنقيها إلى المقصد باقية النقي، فالجارّ والمجرور حال. انتهى كلام الطيبيّ - رحمه الله - ببعض تصرّف (١).

وقوله: (فَإِنَّهَا طُرُقُ الدَّوَابِّ) هذه علّة ثانية للنهي عن التعريس في الطريق، وهي كونها طريقًا للدوابّ، فإذا نزل المسافر فيها ضيّق على المارّة، قال صاحب "التكملة": هذه علّة أخرى، وهو أن الطريق حقّ المارّة، فلو نزل أحد بالطريق ضيّق المرور على المارّة، وبهذا يؤخذ أن الاحتراز عن إيذاء المارّة واجبٌ على كلّ إنسان، فلا يجوز إيقاف السيّارات، والمراكب في أمكنة يضيق بها الطريق على الناس، وبهذا يؤخذ وجوب الالتزام بقواعد المرور، فإنها وُضعت لصيانة الطريق من التضييق، والتوسعة على المارّة. انتهى (٢)، وهو بحث جيّد، والله تعالى أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٨/ ٢٦٨٠ - ٢٦٨١.
(٢) "تكملة فتح الملهم" ٣/ ٤٧٤.