للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للإتباع، فيقال: مِنْتِنٌ، وضمُّ التاء إتباعًا للميم قليلٌ، قاله الفيّوميّ (١).

وقال المجد: النَّتْنُ: ضِدُّ الْفَوْحِ، نَتُنَ، ككَرُمَ، وضَرَبَ نَتَانَةً، وأنْتَنَ فهو مُنْتنٌ، ومِنْتِنٌ بكسرتين، وبضمّتين، وكِقِنْديل. انتهى (٢).

وهذا الحديث صريح في كون الصيد حلالًا، وإن غاب أكثر من ثلاثة أيّام، إذا لم يُنتن، حيث جَعَلَ الْغَايَة أَنْ يُنْتِن الصَّيْد، فَلَوْ وَجَدَهُ مَثَلًا بَعْد ثَلاث، وَلَمْ يُنْتِن حَلَّ، وَإِنْ وَجَدَهُ بِدوْنِهَا وَقَدْ أَنْتَنَ فَلا، هَذَا ظَاهِر الْحَدِيث. وَأَجَابَ النَّوَوِيّ بِأَنَّ النَّهْي عَن أَكْله إِذَا أَنْتَنَ لِلتَّنْزِيهِ، إلا إن خيف منه الضرر، فَيَحْرُم، وهذا مذهب الشافعيّة، وأما المالكيّة، فحملوا النهي على التحريم مطلقًا، قال في "الفتح": وهو الظاهر.

واستدلّ من حمل النهي على التنزيه بقصّة الحوت الذي أكل منه الجيش مع أبي عبيدة - رضي الله عنه - نصف شهر، كما سيأتي الحديث في ذلك بعد بابين - إن شاء الله تعالى -.

ووجْهه أنهم أكلوا من لحم الحوت نصف شهر، وأكل منه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك، واللحم لا يبقى غالبًا بلا نتن في تلك المدة، لا سيما في الحجاز، مع شدّة الحرّ.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: لكن يَحْتَمِل - كما قال في "الفتح" - أن يكونوا ملّحوه، وقدّدوه، فلم يدخله نتن، وبهذا لا يتمّ الاستدلال به على صَرْف النهي عن التحريم إلى التنزيه.

والحاصل أن حَمْل النهي مِنْ أَكْل الصيد، إذا أنتن على التحريم، هو الظاهر؛ لظاهر النصّ، وأما حَمْله على التنزيه، فيحتاج إلى دليل صريح، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي ثعلبة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٩٢.
(٢) "القاموس المحيط" ص ١٢٦٠.