للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشخصُ فاعلًا، والعضوُ مفعولًا، فلا يحتاج إلى هذا التأويل، وتَوَجَّعَ: تَشَكَّي، وتَوَجَّعتُ له من كذا: رَثَيتُ له. انتهى كلام الفيّومي - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

وقوله: (فَسَأَلَهُ) أي: سأل عبيد الله بن زياد معقلَ بن يسار - رضي الله عنه - عن مرضه، وعما يَحتاج إليه من العلاج، أو غيره.

ويحتمل أن يكون معناه أنه سأله أن يُحدّثه بما سمعه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويؤيّد هذا ما في رواية أبي نعيم قال: دخل عبيد الله على معقل بن يسار، فقال: حدّثني بحديث سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال معقلٌ: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من استُرعي رعيّةً، فمات، وهو لها غاشّ، حَرَّمَ الله عليه الجنّة".

وقال بعضهم: معنى سأله: طلب أن يدعو له معقل؛ أي: لكونه من أهل الفضل والصلاح؛ لأنه صحابيّ، وفيه بعدٌ؛ لما سبق من حال عبيد الله، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

وقوله: (قَالَ) فاعله ضمير عبيد الله (أَلَّا) بفتح الهمزة، وتشديد اللام، وهي في الأصل للتحضيض، ولكنها هنا للتوبيخ، ويحتمل أن تكون بتخفيف اللام، وهي أيضًا تأتي للتوبيخ والإنكار، كقوله [من الطويل]:

أَلَا ارْعِوَاءَ لِمَنْ وَلَّتْ شَبِيبَتُهُ … وَآذَنَتْ بِمَشِيبٍ بَعْدَهُ هَرَمُ (٢)

وقوله: (مَا حَدَّثْتُكَ) "ما" نافية.

وقوله: (أَوْ لَمْ كُنْ) "أو" للشكّ من الراويّ.

وقوله: (لَأُحَدِّثَكَ) في محلّ نصب على أنه خبر "أكن"، كما في قوله تعالى: {مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا} [الأنعام: ١١١]، واللام المكسورة التي في أوله تُسمّى لام الجحود، وتُضْمَرُ بعدها "أن" وُجوبًا.

وقد تقدّم سبب عدم تحديثه له إلى أن جاء موته، من كونه لا ينفعه الوعظ، بل يزيده عتوًّا، ويبطش به، فخاف على نفسه، ثم لما خشي عند موته من آفة كتمان العلم حدّثه؛ - قيامًا بما وجب عليه من التبليغ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٨ - ٦٤٩.
(٢) راجع: "مغني اللبيب" ١/ ٦٨ - ٧٤.