للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثلاثيًّا، ومعناه: قلبتُ، قال: ويصحّ قطع الهمزة، وكسر الفاء، من أكفأت رباعيًّا، وهما لغتان، بمعنى واحد، عند كثير من أهل اللغة، ومنهم الخليل، والكسائيّ، وابن السِّكِّيت، وابن قُتيبة، وغيرهم، وقال الأصمعيّ: يقال: كفأت، ولا يقال: أكفأت بالألف. انتهى (١).

(وَلَا تَطْعَمُوا) بفتح أوله، وثالثه، من باب تَعِبَ، (مِنْ لُحُومِ الْحُمُرِ شَيْئًا)؛ أي: لا قليلًا، ولا كثيرًا. (فَقُلْتُ) القائل هو عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه -، (حَرَّمَهَا تَحْرِيمَ مَاذَا؟)؛ أي: أي تحريم حرّمها - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ ابن أبي أوفى (تَحَدَّثْنَا بَيْنَنَا) أيتها الصحابة - رضي الله عنهم - (فَقُلْنَا حَرَّمَهَا)؛ أي: لحوم الحمر الأهلية (الْبَتَّةَ)؛ أي: قطعًا، قال في "الفتح": قوله: "البتّة" معناه القطع، وألفها ألف وصل، وجزم الكرمانيّ بأنها ألف قطع على غير قياس، قال الحافظ: ولم أر ما قاله في كلام أحد من أهل اللغة، قال الجوهريّ: الانبتات الانقطاع، ورجلٌ منبتّ؛ أي: مُنْقَطعٌ به، ويقال: لا أفعله بَتّةً، ولا أفعله البتّةَ لكلّ أمر لا رجعة فيه، ونصبه على المصدر. انتهى، قال الحافظ: ورأيته في النسخ المعتمدة بألف وصل. انتهى (٢).

وقال المرتضى في "التاج": قال ابنُ بَرِّيّ: مذهبُ سِيبَوَيْهِ وأصحابِه أنّ "البَتَّةَ" لا تكون إلّا مَعْرِفَةً، البَتَّةَ لا غيرُ، وإنّما أجاز تَنْكيرَه الفَرَّاءُ وَحْدَهُ، وهو كوفيٌّ، ونقل شيخُنا عن الدَّمامينيّ في "شرْحِ التَّسهيل" زَعَم في "اللُّباب" أنّه سُمع في البَتَّةِ قطعُ الهمزة، وقال شارحه في "العُباب": إنّه المسموع، قال البَدْرُ: ولا أعرِفُ ذلك من جهةِ غَيرِهِما؛ وبالغ في رَدِّه، وتَعقّبه وتَصدّى لذلك أيضًا عبد المَلِكِ العِصاميُّ في "حاشيته على شرح القَطْرِ" للمصنِّف. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الصواب في همزة "البتّة" الوصل، لا القطع، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

وفي رواية البخاريّ: "وقال بعضهم: نهى عنها البتّة؛ لأنها تأكل العَذِرة".


(١) "إكمال المعلم" ٦/ ٣٨٠، و"شرح النوويّ" ١٣/ ٩٢ - ٩٣.
(٢) "الفتح" ٩/ ٣٢٤ - ٣٢٥، كتاب "المغازي" رقم (٤٢٢٠).
(٣) "تاج العروس" ١/ ١٠٤٧.