للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من هذا الوجه، فإنه متّصل في كتاب مسلم - رحمه الله - من رواية الشعبيّ وغيره عن البراء بنحوه.

وقال القاضي عياض في "الإكمال" وهذا مما يجب النظر فيه؛ لأنه لم يُعيّن المنادي، ولا ذكر إضافة نصّ قوله إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولكن الأظهر أن النداء في الجيش لا يخفى على الإمام والصاحب إضافته إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فهذا مما يُعلم بقرينة الحال. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي أن صنيع مسلم - رحمه الله - يدلّ على أنه ثبت لديه سماع أبي إسحاق عن البراء - رضي الله عنه -، فإن أبا إسحاق مشهور بالتدليس، فلا يستجيز مسلم أن يسوق إسناده مساق الأسانيد المتّصلة، إلا وترجح لديه ثبوت سماعه، وما يقوّي ما قلته أن هذا الحديث رواه شعبة عن أبي إسحاق، وهو لا يروي عنه، ولا عن غيره من مشايخه المدلّسين إلا ما صرّحوا فيه بالسماع، وقد نظمت ذلك بقولي:

شُعْبَةُ لَا يَرْوِي عَنِ الْمُدَلِّسِ … إِلَّا الَّذِي سَمِعَهُ فَاسْتَأْنِسِ

لِذَا إِذَا رَوَى عَنِ الأَعْمَشِ أَوْ … قَتَادَةٍ أَوِ السَّبِيعِيْ مَا رَوَوْا

مُعَنْعَنًا لَا تَخْشَ تَدْلِيسًا فَقَدْ … كَفَاكَهُ هَذَا الإِمَامُ الْمُعْتَمَدْ

والحاصل أن ظاهر ما دلّ عليه صنيع مسلم من ترجيحه اتّصال هذا الإسناد هو الذي يظهر لي، والله تعالى أعلم.

وقوله: (فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) تقدّم أنه أبو طلحة - رضي الله عنه -، أو غيره.

وقوله: (أَنِ اكْفَئُوا الْقُدُورَ) "أن" هنا هي التفسيريّة، بمعنى "أَيْ"، و"اكفئوا" تقدّم بوصل الهمزة، من كفأ ثلاثيًّا، وبقطعها، من أكفأ رباعيًّا.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى البحث فيه مستوفًى، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٥٠٠٦] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: نُهِينَا عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ).


(١) "إكمال المعلم" ٦/ ٣٨١.