للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نادى بذلك، ووقع عند النسائيّ أن المنادي بذلك عبد الرحمن بن عوف، قال: ولعل عبد الرحمن نادى أوّلًا بالنهي مطلقًا، ثم نادى أبو طلحة، وبلال بزيادة على ذلك وهو قوله: "فإنها رجسٌ"، قال: ووقع في "الشرح الكبير" للرافعيّ أن المنادي بذلك خالد بن الوليد، وهو غلطٌ؛ فإنه لم يشهد خيبر، وإنما أسلم بعد فتحها. انتهى (١).

("أَلَا) أداة استفتاح وتنبيه (إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ) بكسر همزة "إن"؛ لوقوعها في افتتاح الكلام، (يَنْهَيَانِكُمْ عَنْهَا) هكذا عند مسلم بتثنية الضمير، ووقع في رواية عند البخاريّ: "ينهاكم" بالإفراد، ورواية التثنية دالّة على جواز جَمْع اسم الله تعالى مع غيره في ضمير واحد، فيُردّ به على من زعم أن قوله - صلى الله عليه وسلم - للخطيب: "بئس الخطيب أنت" لكونه قال: "ومن يعصهما فقد غوى"، وقد تقدّم تمام البحث في هذا في موضع آخر، ولله الحمد والمنّة.

(فَإِنَّهَا رِجْسٌ)؛ أي: نجس، وكذا وقع في رواية الطحاويّ من حديث أنس - رضي الله عنه -، قال: "لمّا افتتح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خيبر أصابوا منها حُمُرًا، فطبخوا منها مطبخةً، فنادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا إن الله ورسوله ينهيانكم عنها، فإنها نجسٌ" (٢)، وقوله: (مِن عَمَلِ الشَّيْطَانِ" أي: إن أكل لحوم الحمر الأهليّة عمل يُزيّنه الشيطان، ويلبّسه على الناس. (فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ بِمَا فِيهَا) ببناء الفعل للمفعول؛ أي: قُلبت بما احتوته من اللحم، والمرق، قال في "الفتح": قال ابن التين: صوابه: "فكُفئت"، قال الأصمعيّ: كفأت الإناء: قلبته، ولا يقال: أكفأته، ويَحْتَمِل أن يكون المراد: أُميلت حتى أزيل ما فيها، قال الكسائيّ: أكفأت الإناء: أمَلْته. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم أن أكفأ رباعيًّا بمعنى قَلَب، صحيح، فلا تغفل.

(وَإِنَّهَا)؛ أي: القدور (لَتَفُورُ) مِنْ فَارَت القِدْر: إذا اشتد غَلَيانها، (بِمَا


(١) "الفتح" ١٢/ ٥٠٩، كتاب "الذبائح" رقم (٥٥٢٨).
(٢) "عمدة القاري" ٢١/ ١٣٠.
(٣) "الفتح" ٩/ ٣٠٢، كتاب "المغازي" رقم (٤١٩٩).