وأكل منه؟ قال: وأكل منه، ثم قال: فقبله"، وللترمذيّ من طريق أبي داود الطيالسيّ فيه: "فأكله، قلت: أكله؟ قال: قبله"، وهذا الترديد لهشام بن زيد وَقَّفَ جدَّه أنسًا على قوله: "أكله"، فكأنه توقف في الجزم به، وجزم بالقبول.
وقد أخرج الدارقطنيّ من حديث عائشة - رضي الله عنها -: "أُهدي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرنب، وأنا نائمةٌ، فخبّأ لي منها العَجُز، فلمّا قُمتُ أطعمني"، وهذا لو صحّ لَأَشعر بأنه أكل منها، لكن سنده ضعيف.
ووقع في "الهداية" للحنفية أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أكل من الأرنب حين أُهدي إليه مشويًّا، وأمر أصحابه بالأكل منه، وكأنه تلقاه من حديثين، فأوَّلُه من حديث الباب، وقد ظهر ما فيه، والآخر من حديث أخرجه النسائيّ من طريق موسى بن طلحة، عن أبي هريرة: "جاء أعرابي إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بأرنب قد شواها، فوضعها بين يديه، فأمسك، وأمر أصحابه أن يأكلوا"، ورجاله ثقات، إلا أنه اختُلِف فيه على موسى بن طلحة اختلافًا كثيرًا، قاله في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أنس - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٩/ ٥٠٤٠ و ٥٠٤١] (١٩٥٣)، و (البخاريّ) في "الهبة" (٢٥٧٢) و"الذبائح والصيد" (٥٤٨٩ و ٥٥٣٥)، و (أبو داود) في "الأطعمة" (٣٧٩١)، و (الترمذيّ) في "الأطعمة" (١٧٨٩)، و (النسائيّ) في "الصيد" (٧/ ١٩٧) و"الكبرى" (٣/ ١٥٥)، و (ابن ماجه) في "الصيد" (٣٢٤٣)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٥/ ١١٧)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ١١٨)، و (الدارميّ) في "سننه" (٢/ ١٢٧)، و (ابن الجارود) في "المنتقى" (١/ ٢٢٤)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٥/ ٤٣ و ٤٤)، و (الطبريّ) في "تهذيب الآثار" (٢/ ٨٤٦)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٩/ ٣٢٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
(١) "الفتح" ١٢/ ٥٢٠ - ٥٢١، كتاب "الذبائح" رقم (٥٥٣٥).