(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
[تنبيه]: قال الدارقطنيّ - رحمه الله - في "التتبّع": وأخرجا جميعًا حديث أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر:"لَعَنَ من اتّخذ شيئًا فيه الروح غَرَضًا"، وهو الصحيح.
[فإن قال قائل]: فقد خالفه عديّ بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس.
[قيل له]: لم يُتابَع عديّ على قوله، وقد تابع أبا بشر المنهالُ بن عمرو، وسعيد بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، فالحكم لهم على عديّ، وحديث عديّ وَهَمٌ، والله أعلم. انتهى كلام الدارقطنيّ.
قال الجامع عفا الله عنه: حاصل ما أشار إليه الدارقطنيّ - رحمه الله - أن المحفوظ في هذا الحديث أنه من مسند ابن عمر - رضي الله عنهما -، لا من مسند ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، كما تقدّم ذلك في الرواية التي قبله، وذلك لمخالفة عديّ بن ثابت لأبي بشر في ذلك، ولم يوجد لعديّ فيه متابع، بخلاف أبي بشر، فقد تابعه فيه المنهال بن عمرو، وسعيد بن عمرو، كلاهما عن سعيد بن حبير، عن ابن عمر، فظهر بهذا أن عديًّا وَهِمَ فيه.
ولم يتكلّم الحافظ في "الفتح" بشيء من هذا، بل ظاهره أنه يرى صحّة الطريقين، كونه من مسند ابن عمر، كما هو متّفقٌ عليه، وكونه من مسند ابن عبّاس، كما عند مسلم حيث بيّن مَنْ وَصَل الطريقين، وسكت على ذلك، لكن صنيع البخاريّ - رحمه الله - يقوّي ما قاله الدارقطنيّ، حيث قال بعد ذكر طريق أبي بشر ما نصّه: تابعه سليمان (١)، عن شعبة، عن المنهال، عن سعيد، عن ابن عمر. . .، ثم قال: وقال عديّ عن سعيد: عن ابن عبّاس، فقد قوّى طريق أبي بشر بالمتابعة، وأشار إلى تفرّد عديّ، بلا متابع، فتأمله بالإمعان، والله تعالى أعلم.
(١) هو: ابن حرب، وليس أبا داود الطيالسيّ، كما قال مغلطاي، وتبعه ابن الملقّن. راجع: "الفتح" ١٢/ ٤٩٠.