للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفيه الأمر بحدِّ آلة الذبح، كما قال في الحديث الآخر: "إذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، وليحدَّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته"، رواه مسلم، وهو من باب الرِّفق بالبهيمة بالإجهاز عليها، وتَرْك التعذيب، فلو ذبح بسكين كالَّةٍ، أو بشيء له حدٌّ، وإن لم يكن مجهزًا بل مُعذِّبًا فقد أساء، لكنه إن أصاب سُنَّة الذبح؛ لم تحرم الذبيحة، وبئسما صنع، إلا إذا لم يجد إلا تلك الآلة. انتهى (١).

(فَفَعَلَتْ) عائشة - رضي الله عنها - ما أمرها به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من شحذ تلك المدية، (ثُمَّ أَخَذَهَا)؛ أي: أخذ - صلى الله عليه وسلم - تلك المدية (وَأَخَذَ الْكَبْشَ، فَأَضْجَعَهُ؛ أي: ألقاه على جنبه؛ ليتمكّن من ذبحه (ثُمَّ ذَبَحَهُ، ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - عند ذبحه "بِاسْمِ اللهِ" أذبحه، (اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ثُمَّ ضَحَّى بِهِ) قال النوويّ رحمه الله: هذا الكلام فيه تقديم وتأخير، وتقديره: فأضجعه، وأخذ في ذبحه قائلًا: باسم الله، اللهم تقبّل من محمد، وآل محمد، وأمته، مُضَحّيًا به، ولفظة "ثُمّ" هنا متأوّلة على ما ذكرته بلا شك. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.

(المسألة الثانية) في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٣/ ٥٠٨٣] (١٩٦٧)، و (أبو داود) في "الضحايا" (٢٧٩٢)، و (ابن ماجه) في "الضحايا" (٢/ ١٠٤٦)، و (أحمد) في "مسنده" (٦/ ٧٨)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (٥٩١٥)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (٥/ ٦٢)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٧٦)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٩/ ٢٦٧ و ٢٧٢ و ٢٨٦)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان استحباب إضجاع الغنم في الذبح، وأنها لا تُذبح قائمةً، ولا باركةً، بل مُضْجَعَة؛ لأنه أرفق بها، قال النوويّ رحمه الله: وبهذا


(١) "المفهم" ٥/ ٣٦١ - ٣٦٢.
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٢٢.