للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:

أنه من رباعيّات المصنّف رحمه الله، وهو (٣٧٧) من رباعيّات الكتاب، وأنه أصحّ الأسانيد على الإطلاق، كما نُقل عن البخاريّ رحمه الله، وأنه المسمّى بسلسلة الذهب، روى الخطيب بسنده عن يحيى بن بُكير أنه قال لأبي زرعة الرازيّ: يا أبا زرعة ليس ذا زَعْزَعَةِ عن زَوْبَعَةٍ (١)، إنما ترفع الستر، فتنظر إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والصحابة - رضي الله عنهم -: حدّثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - (٢).

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَ النَّاسَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ) لم تُسَمَّ هذه الغزوة، وهذه الرواية صريحة أن هذه الخطبة وقعت في سفر، وأخرج أبو عوانة في "مسنده" من طريق يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر قال: "دخلت المسجد، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والناس حوله، فأسرعت لأسمع كلامه، فتفرّق الناس قبل أن أبلغهم، فسألت رجلًا منهم، ماذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فزعم الرجلُ أنه نهى عن الدبّاء والمزفّت"، وفي رواية: "رأيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فلما رأيت أسرعت إليه، فلم أنتهي إليه حتى نزل. . ." الحديث.

وهذه صريحة أنها وقعت في الحضر، وطريق الجمع أن تُحمل الروايتان على تعدُّد الواقعة، والله تعالى أعلم.

(قَالَ ابْنُ عُمَرَ) - رضي الله عنهما - (فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ)؛ أي: جهة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لأسمع خطبته، (فَانْصَرَفَ قَبْلَ أَنْ أَبْلُغَهُ)؛ أي: قبل وصولي إلى محلّه، (فَسَأَلْتُ) من حضر خطبته (مَاذَا قَالَ؟)؛ أي: أيّ شيء ذَكَر - صلى الله عليه وسلم - في خطبته هذه؟ (قَالُوا: نَهَى أَنْ يُنْتَبَذَ) بالبناء للمفعول، (فِي الدُّبَّاءِ) قال ابن عبد البرّ رحمه الله: الدباء هو القرع المعروف، وهو إذا يبس، وصُنِع منه ظرف يُسرع فيه النبيذ إلى الشدّة، مُزَفّتًا كان، أو غير مُزَفّت، ولذلك جاء في هذا الحديث وغيره ذِكر الدباء مطلقًا، ثم


(١) الزعزعة: تحريك الريح الشجرة ونحوها، وكلّ تحريك شديد، و"الزَّوْبَعَةُ" هي الإعصار الذي يرفع التراب في الجوّ، ويستدير كأنه عمود.
(٢) راجع: "تدريب الراوي" ١/ ٧٨.