يصير مسكرًا، وأما الآن فاشربوا في كلّ وعاء، ولو غير أَدَمٍ، غير أن لا تشربوا مسكرًا، فإن زمن الجاهلية قد بَعُدَ، واشتهر التحريم، وتقرر في النفوس، فيُنسخ ما كان قبل ذلك من تحريم الانتباذ في تلك الأوعية؛ خوفًا من مصيره مسكرًا، فلمّا تقرر الأمر أبيح الانتباذ في كلّ وعاء، بشرط عدم الإسكار. انتهى (١)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:
[٥١٩٩] (٢٠٠٠) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ - وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي عُمَرَ - قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَل، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: لَمَّا نَهَى رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ النَّبِيذِ فِي الأَوْعِيَة، قَالُوا: لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ، فَأَرْخَصَ لَهُمْ فِي الْجَرّ، غَيْرِ الْمُزَفَّتِ).
رجال هذا الإسناد: سبعة:
١ - (سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ) ابن أبي مسلم المكيّ، خال ابن أبي نَجِيح، قيل: اسم أبيه عبد الله، ثقةٌ ثقةٌ، قاله أحمد [٥] (ع) تقدم في "الإيمان" ٦٥/ ٣٦٨.
٢ - (مُجَاهِدُ) بن جَبْر المخزوميّ مولاهم، أبو الحجّاج المكيّ، ثقةٌ فقيهٌ عالم بالتفسير [٣] (ت ١ أو ٢ أو ٣ أو ١٠٤) وله (٨٣) سنة (ع) تقدم في "المقدمة" ٤/ ٢١.
٣ - (أَبُو عِيَاضٍ) عمرو بن الأسود العنسيّ، وقد يُصغّر، حمصيّ سَكَنَ داريا، مخضرم، ثقةٌ عابدٌ، من كبار التابعين ٢١، مات في خلافة معاوية - رضي الله عنه - (خ م د س ق) تقدم في "الصيام" ٣٧/ ٢٧٤٢.
[تنبيه]: كتب في "الفتح" بحثًا يتعلّق بأبي عياض هذا، ونصّه: قوله: "عن أبي عياض الْعَنْسِيّ" بالنون، وعياض بكسر المهملة، وتخفيف التحتانية، وبعد الألف ضاد معجمةٌ، واسمه عمرو بن الأسود، وقيل: قيس بن ثعلبة، وبذلك جزم أبو نصر الكلاباذيّ في "رجال البخاريّ"، وكأنه - تَبعَ ما نقله البخاريّ عن عليّ بن المدينيّ، وقال النسائيّ في "الكنى": أبو عياض عمرو بن الأسود العَنْسيّ، ثم ساق من طريق شُرَحْبيل بن عمرو بن مسلم، عن عمرو بن
(١) "فيض القدير" ٥/ ٥٤.