للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخرج الإمام الترمذيّ - رحمه الله - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي على الناس زمان، الصابر فيهم على دينه، كالقابض على الجمر" (١).

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨)} [آل عمران: ٨].

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولّنا فيمن تولّيت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شرّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك، تباركت ربنا وتعاليت.

٣ - (ومنها): فضل من هجر أوطانه وعشيرته؛ لأجل الإسلام، فإن له الجنة، كما وعد الله تعالى في هذا الحديث، وفي قوله عز وجل: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (١٠٠)} [النساء: ١٠٠]، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في معنى "طوبى":

(اعلم): أنه اختَلَف المفسرون في معنى "طُوبى" من قوله تعالى: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد: ٢٩].

قال ابن أبي طلحة، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: فَرَحٌ، وقُرّة عين، وقال عكرمة: نِعْمَ مالهم، وقال الضحاك: غِبْطَةٌ لهم، وقال إبراهيم النخعيّ: خيرٌ لهم، وقال قتادة: هي كلمة عربية، يقول الرجل: طوبى لك، أي: أَصَبْتَ خيرًا، وقال في رواية: {طُوبَى لَهُمْ}: حُسْنَى لهم، {وَحُسْنُ مَآبٍ}؛ أي: مَرْجِع.

قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله -: وهذه الأقوال شيءٌ واحدٌ، لا منافاة بينها.

وقال سعيد بن جبير، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: {طُوبَى لَهُمْ} قال: هي أرض الجنة بالحبشية، وقال سعيد بن مَسْجُوح (٢): {طُوبَى} واسم الجنة بالهندية، وكذا


(١) صحيح أخرجه الترمذيّ برقم (٢١٨٦)، وصححه الشيخ الألبانيّ - رحمه الله -. انظر: "السلسلة الصحيحة" ٢/ ٦٤٥.
(٢) وقيل: ابن مشجوج، وقيل: ابن مسجوع، هكذا جاء مختلفًا في المخطوطة عند ابن جرير، أفاده الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -، في نسخته ١٦/ ٤٣٦ رقم الحديث (٢٠٣٧٦) وأثبت ابن مشجوج، وقال: لم أجد له ذكرًا في كتب الرجال.