يا رسول الله سمعنا بذكرك، فأحببنا أن نأتيك، فنسمع منك، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أسلِموا تَسْلَموا"، قال: فأسلموا، وقالوا: يا رسول الله مُرنا، وانْهَنا، فإنا نرى أن الإسلام قد نهانا عن أشياء كنا نأتيها، وأمَرَنا بأشياء لم نكن نقربها، قال: فأمَرهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ونهاهم، ثم خرجوا حتى جاؤا رحالهم، وقد خَلَّفوا فيها رجلًا، فقالوا: اذهب، فضَعْ من إسلامك على يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل الذي وَضَعْنا، وسَلْه عن شرابنا، فإنا نَسِينا أن نساله، وقد كان من أهم الأمر عندنا، فجاء ذلك الفتى، فأسلم، فقال: يا رسول الله، إن النفر الذين جاؤك، وأسلموا على يديك، قد أمروني أن أسألك عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة، يقال له: الْمِزْر، وأرضهم أرض باردة، وهم يعملون لأنفسهم، وليس لهم من يمتهن الأعمال دونهم، وإذا شربوه قَوُوْا به على العمل، قال:"أو مسكر هو؟ " قال: اللهم نعم، قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر حرام"، قال: فأفزعهم ذلك، فخرجوا بأجمعهم حتى جاؤا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسول الله، إن أرضنا أرض باردة، وإنا نعمل لأنفسنا، وليس لنا من يمتهن دون أنفسنا، وإنما شراب نشربه بأرضنا من الذرة، يقال له: الْمِزْر، وإذا شربناه، فأُعِنّا على البرد، وقَوِينا على العمل، فقال:"أمسكر هو؟ " قالوا: نعم، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ مسكر حرام، إن على الله عهدًا لمن يشرب مسكرًا أن يسقيه من طينة الْخَبَال"، قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال:"عَرَقُ أهل النار - أو عصارة أهل النار". انتهى (١).
مسألتان تتعلقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جابر - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٧/ ٥٢٠٦](٢٠٠٢)، و (النسائيّ) في "الأشربة"(٨/ ٣٢٧) و"الكبرى"(٣/ ٢٣٨ و ٤/ ١٨٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٣/ ٣٦١) و (البزّار) في "مسنده"(٢٩٢٧)، و"ابن حبّان" في "صحيحه"(٥٣٦٠)،