وأخرج الشيخان عن أبي حازم، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن في الجنة شجرةً يسير الراكب في ظلها مئة عام، لا يقطعها"، قال: فحدثت به النعمان بن أبي عياش الزُّرَقيّ، فقال: حدثني أبو سعيد الخدريّ، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن في الجنة شجرة، يسير الراكب الجواد المُضمِر السريع مائة عام ما يقطعها".
وفي "صحيح البخاريّ" عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قول الله تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠)} [الواقعة: ٣٠] قال: "في الجنة شجرةٌ يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها".
وأخرج الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، اقرأوا إن شئتم {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠)}.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "طوبى شجرة في الجنة، يقول الله لها: تَفَتّقي لعبدي عما شاء، فتفتق له عن الخيل بسروجها ولُجُمها، وعن الإبل بأزمتها، وعما شاء من الكسوة" (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذه الأقوال في الحقيقة ليس بينها تعارض، بل هي من تنوّع العبارات، واللفظ محتمل لكلّها، فحمله على جميعها هو الأولى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجَّاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:
(١) في سنده شهر بن حوشب؛ مختلف فيه، والصحيح أنه حسن الحديث، راجع هذه الآثار في: "تفسير ابن جرير" ١٦/ ٤٣٦، و"تفسير ابن كثير" ٨/ ١٤١ - ١٤٨ طبعة مؤسسة قرطبة للطبع والنشر.