للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأسقيته بالألف لغة (١).

ثم إن ظاهر قوله: "لقد سقيت" أن أنسًا -رضي اللَّه عنه- هو الذي سقى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من ذلك القدح، ويعارضه ما أخرجه النسائيّ من طريق أسد بن موسى، عن حمّاد بن سلمة، ولفظه: "عن أنس قال: كان لأم سليم قَدَح من عَيْدان، فقالت: سقيت فيه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كل الشراب: الماء، والعسل، واللبن، والنبيذ"، فقد اختلف عفّان، وأسد بن موسى على حمّاد، لكن عفّان أثبت من أشد، كما يظهر من مراجعة كتب الرجال، ويُمكن أن يكونا جميعًا سقياه من ذلك القدح؛ واللَّه تعالى أعلم (٢).

(بِقَدَحِي) بفتحتين جمعه أقداح، مثلُ سبب وأسباب، وقوله: (هَذَا) بدل من "قدحي"، أو عطف بيان، وقوله: (الشَّرَابَ) مفعول "سقيت"، (كُلَّهُ). وقوله: (الْعَسَلَ. . . . إلخ) بدل من الشراب، (وَالنَّبِيذَ) تقدّمت صفة النبيذ الذي كان يشربه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنه نقيع التمر، أو الزبيب، قاله في "الفتح"، وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: المراد بالنبيذ ههنا ما سبق تفسيره في أحاديث الباب، وهو ما لم يَنْتَهِ إلى حدّ الإسكار، وهذا متعيِّن؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في الأحاديث السابقة: "كل مسكر حرام"، واللَّه أعلم. انتهى (٣).

(وَالْمَاءَ، وَاللَّبَنَ) وفي رواية البخاريّ من طريق عاصم الأحول، قال: رأيت قدح النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عند أنس بن مالك، وكان قد انصدع، فسلسله بفضة، قال: وهو قدح جيّد، عريض، من نُضَار (٤)، قال: قال أنس: لقد سقيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا القدح أكثر من كذا وكذا، قال: وقال ابن سيرين: إنه كان فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب، أو


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٨١.
(٢) راجع: "تكملة فتح الملهم" ٣/ ٦٥١.
(٣) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٧٩.
(٤) بضم النون، وتخفيف الضاد المعجمة، وبالراء، وقال أبو حنيفة "الدينوريّ": بضم النون، وكسرها، وهو أجود الخشب للآنية، ويُعمل منه ما رَقّ من الأقداح، واتسع، وما غلظ. "عمدة القاري" ٢١/ ٢٠٦.