للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخذها من أبي حميد -رضي اللَّه عنه-، وفي عبارة الحافظ هنا نظر، فإنه قال بعد ذِكره روايتي مسلم هذه، والتي قبلها ما نصّه:

والذي يظهر أن قصة اللبن كانت لأبي حميد، وأن جابرًا حضرها، وأن قصة النبيذ حملها جابر عن أبي حميد، وأبهم أبو حميد صاحبها، ويَحْتَمِل أن يكون هو أبا حميد راويها أبهم نفسه، ويَحْتَمِل أن يكون غيره، وهو الذي يظهر لي، واللَّه أعلم. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الذي يظهر لي أن جابرًا -رضي اللَّه عنه- حضر قصّة النبيذ؛ لقوله: "كنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . إلخ"، وأما قصّة اللبن، فحدّثه بها أبو حميد -رضي اللَّه عنه-؛ لقوله: "حدّثني أبو حميد الساعديّ"، وأما حمل القصّة على التعدّد، فظاهر؛ فتأمله بالإمعان، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: (فَاسْتَسْقَى)؛ أي: طلب السُّقيا.

وقوله: (فَقَالَ رَجُلٌ. . . . إلخ) يَحْتَمِل أن يكون أبا حميد الساعديّ، ويَحْتَمِل أن يكون غيره، وهو الذي استظهره في "الفتح"، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: (أَلَا نَسْقِيكَ نَبِيذًا؟) "ألا" هنا للعرض، و"نسقيك" يَحْتَمِل أن يكون بفتح أوله، من سقاه ثلاثيًّا، ويَحْتَمِل أن يكون بضمّه، من أسقاه رباعيًّا، وقد تقدّم غير مرّة.

وقوله أيضًا: (نَسْقِيكَ نَبِيذًا؟) هو محمول على ما سبق في الباب السابق أنه نبيذ لَمْ يشتدّ، ولم يصر مسكرًا، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

وقوله: (قَالَ: فَشَرِبَ) فيه بيان أن أمْره -صلى اللَّه عليه وسلم- بتخميره للإرشاد، والاستحباب، لا للوجوب، فلو شرب الإنسان ما يُخمّر جاز، ولكنه خلاف الأولى، فتنبّه.

والحديث بلفظ النبيذ من أفراد المصنّف، والمتّفقٌ عليه بلفظ اللبن، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.


(١) "الفتح" ١٢/ ٦٥٦، كتاب "الأشربة" رقم (٥٦٥٥).
(٢) "شرح النوويّ" ١٣/ ١٨٣.