للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): بيان معجزة للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث يرى ما لا يراه الحاضرون من تلاعب الشيطان بالجارية والأعرابيّ.

٥ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يدلّ الحديث على أن للشيطان يدًا، وأنه يصيب من الطعام إذا لم يذكر اللَّه تعالى عليه، وهل هذه الإصابة أكلٌ، كما قد نَصَّ عليه حيث قال: "فإنَّ الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله"، وهو الظاهر، أو يكون شَمًّا للطعام يحصل له به من التغذي، كنحو ما يحصل لنا به من الأكل؟ قد قيل كلّ ذلك، وهو مُحْتَمِلٌ، والقدرة صالحة.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الاحتمال الثاني الذي ذكره بقوله: أو يكون شمًّا للطعام. . . إلخ بعيد عن ظواهر النصوص، فلا يُلتفت إليه، بل الحقّ أن الشيطان يأكل حقيقةً، ويشرب حقيقةً، فتبصّر بالإمعان، واللَّه تعالى المستعان.

قال: واستحلال الشيطان الطعام الذي لا يُذكر اسم اللَّه عليه إنما هو عبارة عن تناوله منه على نحو ما ذكرناه.

وقيل: هو استحسانه رفع البَرَكة من ذلك الطعام، ورُوي عن وهب بن مُنَبِّه أنه قال: هم أجناس؛ فخالص الجنّ لا يأكلون، ولا يشربون، ولا يتناكحون، هم ريح، ومنهم أجناس يفعلون ذلك كلَّه، ويتوالدون، ومنهم: السعالي، والغِيلان، والقطاربة (١). انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي رُوي عن وهب يحتاج إلى دليل، فليُتأمل، واللَّه تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّل الكتاب قال:

[٥٢٤٩] (. . .) - (وَحَدَّثنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حُدَيْفَةَ الأَرْحَبِيِّ، عَنْ حُذَيفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ: كُنَّا إِذَا دُعِينَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إِلَى طَعَامٍ، فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ: "كَأَنَّمَا يُطْرَدُ"، وَفِي الْجَارِيَةِ: "كَأَنَّمَا تُطْرَدُ"،


(١) جمع قُطْرُب: ذَكَر الْغِيلان، وصغار الجنّ. اهـ. "ق".
(٢) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ١٧/ ٢٣.