للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيه، فيتقذر الماء ببزاقٍ يخرج من الفم، أو بريح كريهة تتعلَّق بالماء، أو بالإناء، وعلى هذا: فإذا لم يتنفس في الإناء فليشرب في نفسٍ واحد ما شاء، قاله عمر بن عبد العزيز، وأجازه جماعة؛ منهم: ابن المسيِّب، وعطاء بن أبي رباح، ومالك بن أنس، وكره ذلك قومٌ؛ منهم: ابن عباس، وطاووس، وعكرمة، وقالوا: هو شرب الشيطان، والقول الأول أظهر؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - للذي قال: إنه لا يروي من نفس واحدٍ: "أَبِنِ القَدَحَ عن فِيكَ، ثم تَنَفَّس"، وظاهره أنه أباح له الشرب في نفَس واحدٍ إذا كان يَروى منه. انتهى (١).

[تنبيه]: قيل: الحكمة في النهي عن التنفّس في الإناء أنه أبعد عن تقذير الإناء والماء، فإنه من ألطف الجواهر، وأقبلها للتغيّر بالريح، وعن خروج شيء تَعَافُهُ النفس من الفم، فإذا أبانه عند إرادة التنفّس أُمِن من ذلك، وقد ثبت إبانة الإناء للتنفّس ثلاثًا، ولأن إبانة الإناء أهنأ في الشرب، وأحسن في الأدب، وأبعد عن الشَّرَه، وأخفّ للمعدة، وإذا تنفّس في الإناء، واستوفى رِيّه حَمَله ذلك على فوات ما ذكرناه من حكمة النهي، وتكاثر الماء في حلقه، وأثقل معدته، وربّما شُرق به، وآذى كبده، وقيل غير ذلك مما تقدّم ذِكره في "كتاب الطهارة".

وهذا الحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تخريجه، وبيان مسائله في "كتاب الطهارة" [١٨/ ٦١٩] (٢٦٧) فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

وبالسند المتصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٥٢٧٥] (٢٠٢٨) - (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا وَكيعٌ، عَنْ عَزْرَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ ثَلَاثًا).

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (عَزْرَةُ بْنُ ثَابتٍ الأَنْصَارِيُّ) هو: عزرة بن ثابت بن أبي زيد بن أخطب الأنصاريّ البصريّ، ثقةٌ [٥] (خ م قد ت س) تقدم في "الحج" ٦٠/ ٣١٨٨.


(١) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٢٨٨.