للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وحديث سهل بن أبي خيثمة المتقدّم في "القسامة": "كَبِّر كَبِّر"، وتقدم في "الطهارة" حديث ابن عمر في الأمر بمناولة السواك الأكبر، وأخص من ذلك حديث ابن عباس الذي أخرجه أبو يعلى بسند قويّ، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سَقَى، قال: "ابدءوا بالكبير".

ويُجْمَع بأنه محمول على الحالة التي يجلسون فيها متساوين، إما بين يدي الكبير، أو عن يساره كلهم، أو خلفه، أو حيث لا يكون فيهم، فتُخَصّ هذه الصورة من عموم تقديم الأيمن، أو يُخص من عموم هذا الأمر بالبداءة بالكبير ما إذا جلس بعضٌ عن يمين الرئيس، وبعض عن يساره، ففي هذه الصورة يقدَّم الصغير على الكبير، والمفضول على الفاضل، ويظهر من هذا أن الأيمن ما امتاز بمجرد الجلوس في الجهة اليمنى، بل بخصوص كونها يمين الرئيس، فالفضل إنما فاض عليه من الأفضل.

وقال ابن المنير: تفضيل اليمين شرعيّ، وتفضيل اليسار طبعيّ، وإن كان وَرَد به الشرع، لكن الأول أدخل في التعبد. انتهى (١).

٢ - (ومنها): ما قاله ابن المنيّر - رحمه الله -: إذا تعارضت فضيلة الفاعل، وفضيلة الوظيفة اعتُبرت فضيلة الوظيفة، كما لو قُدّمت جنازتان لرجل وامرأة، ووليّ المرأة أفضل من وليّ الرجل، قُدِّم وليّ الرجل، ولو كان مفضولًا؛ لأن الجنازة هي الوظيفة، فتُعتبر أفضليتها، لا أفضلية المصلي عليها، قال: ولعل السرّ فيه أن الرجولية، والميمنة أمر يقطع به كل أحد، بخلاف أفضلية الفاعل، فإن الأصل فيه الظنّ، ولو كان مقطوعًا به في نفس الأمر، لكنه مما يخفَى مثله على بعض، كأبي بكر بالنسبة إلى علم الأعرابي، والله أعلم. انتهى (٢).

٣ - (ومنها): أن قوله: "أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟ " ظاهر في أنه لو أَذِن له لأعطاهم، ويؤخَذ منه جواز الإيثار بمثل ذلك، وهو مشكِل على ما اشتَهَر من أنه لا إيثار بالقُرَب، وعبارة إمام الحرمين في هذا: لا يجوز التبرع في العبادات، ويجوز في غيرها، وقد يقال: إن القُرَب أعمّ من العبادة، وقد أُورد


(١) "الفتح" ١٢/ ٦٧٩ - ٦٨٠، كتاب "الأشربة" رقم (٥٦٢٠).
(٢) "الفتح" ١٢/ ٦٧٩ - ٦٨٠، كتاب "الأشربة" رقم (٥٦٢٠).