للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"فإذا فرغ" من الأكل "فليلعق أصابعه"؛ أي: يَلْحسها، قال في "الصحاح": لَعِقَ الشيءَ لَحَسَهُ، وبابه فَهِمَ، والْمِلعقة بالكسر: واحدة الملاعق، واللُّعقة بالضم: اسم ما تأخذه الملعقة، واللَّعْقة بالفتح: المرّة الواحدة، واللَّعُوق: اسم ما يُلعق. انتهى.

وزاد في روايات: "أو يُلعقها" غيره ممن لا يتقذر ذلك، فإنه لا يدري في أيّ طعامه تكون البركة"، أفي الساقط، أم فيما في القصعة، أم فيما على الأصابع؟

قال المحقِّق أبو زرعة: الظاهر أن المراد - هنا، وفيما مرّ، ويجيء - بالشيطان: الجنس، فلا يختص بواحد من الشياطين، والشيطان كلُّ عَاتٍ متمرِّد، من الجنّ، والإنس، والدوابّ، لكن المراد هنا: شياطين الجنّ خاصةً، ويَحْتَمِل اختصاصه بالشيطان الأكبر إبليس.

وفيه ترك الكِبْر، وتغيير عادة الأكابر، وإماطة الأذى عن المأكول والمشروب، وإرغام الشيطان بلعق الأصابع، وأكل المتناثر، وإطابة المطاعم حِسًّا ومعنى. انتهى (١).

وقوله: (وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ) إنما صار تركها للشيطان؛ لأنه فيه إضاعة نعمة الله تعالى، واستحقارها، أو لأن المانع عن تناول تلك اللقمة هو الكِبْر غالبًا، وكلاهما منهيّ عنه.

وقال الأبّيّ في "شرحه": معناه: لا يترك أكلها كِبْرًا واستهانةً باللقمة، فإنما يحمله على الكِبْر، وترفيعه نفسه هو الشيطان، ويَحْتَمل أن يكون في تركها غذاء للشيطان، والأول أوجه، قال: فاللام على الأول للتعليل، وعلى الثاني للمُلك. انتهى (٢).

والحديث من أفراد المصنّف، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله، ولله الحمد والمنّة.


(١) "فيض القدير على الجامع الصغير" للمناويّ - رحمه الله - ٢/ ٣٥٠ - ٣٥١.
(٢) "شرح الأبّيّ" ٥/ ٣٤١.