للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيما بقي في الإناء، فيلعق يده، ويمسح الإناء؛ رجاءَ حصول البركة، والمراد بالبركة - والله أعلم - ما يحصل به التغذية، وتسلم عاقبته من أذى، ويُقَوِّي على طاعة الله تعالى، وغير ذلك، وقال النووي: وأصل البركة الزيادة، وثبوت الخير، والتمتّع به، قاله في "العمدة" (١).

وقال في "العمدة": الكلام في هذا الباب على أنواع:

[الأول]: أن نَفْس اللعق مستحبّ محافظةً على تنظيفها، ودفعًا للكِبْر، والأمر فيه محمول على الندب، والإرشاد، عند الجمهور، وحَمَله أهل الظاهر على الوجوب.

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن ما ذهب إليه الظاهرية من الوجوب هو ظواهر النصوص، فتبصّر بالإنصاف. والله تعالى أعلم.

[الثاني]: أن من الحكمة في لعق الأصابع ما ذَكَره في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، وأخرجه الترمذيّ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أكل أحدكم، فليلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أيّ طعامه البركة"، ولفظ مسلم: "فإنه لا يدري في أيّتهنّ البركة".

[والثالث]: أنه ينبغي في لعق الأصابع الابتداء بالوسطى، ثم السبابة، ثم الإبهام، كما جاء في حديث كعب بن عُجرة - رضي الله عنه -، رواه الطبراني في "الأوسط"، قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل بأصابعه الثلاث: بالإبهام، والتي تليها، والوسطى، ثم رأيته يلعق أصابعه الثلاث قبل أن يمسحها، ويلعق الوسطى، ثم التي تليها، ثم الإبهام".

وكأن السبب في ذلك أن الوسطى أكثر الثلاثة تلويثًا بالطعام؛ لأنها أعظم الأصابع، وأطولها، فينزل في الطعام منه أكثر مما ينزل من السبابة، وينزل من السبابة في الطعام أكثر من الإبهام؛ لطول السبابة على الإبهام.

ويَحْتَمِل أن يكون البدء بالوسطى؛ لكونها أول ما ينزل في الطعام؛ لطولها.

[والرابع]: أن في الحديث: "فلا يمسح يده حتى يَلعقها"، وهذا مطلق،


(١) "عمدة القاري" ٢١/ ٧٧.