للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الهيثم بن التيّهان الأنصاريّ، وكان رجلًا كثير النخل والشياه، ولم يكن له خَدَمٌ"، وكذا عند البزار، وأبي يعلى، والطبرانيّ عن ابن عباس، وللطبراني أيضًا: عن ابن عمر، أنه أبو الهيثم، وللطبراني أيضًا، وابن حبان، عن ابن عباس أنه أبو أيوب، والظاهر أن القصة اتَّفَقت مرّةً مع أبي الهيثم، كما صَرّح به في أكثر الروايات، ومرّةً مع أبي أيوب، قاله المنذريّ.

قال: وذهابهم إليه لا ينافي كمال شَرَفهم، فقد استَطْعَم قبلهم موسى والخضر لإرادة الله سبحانه بتسلية الخلق بهم، وأن يستن بهم السنن، ففعلوا ذلك تشريعًا للأمة.

وهل خَرَج قاصدًا من أول خروجه إنسانًا معينًا، أو جاء التعيين بالاتفاق؟ احتمالان، قال بعضهم: الأصح أن أول خاطر حرّكه للخروج لم يكن إلى جهة معينة؛ لأن الكُمّل لا يعتمدون إلا على الله. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "الكمّل. . . إلخ" فيه نظر لا يخفى، فإن هذا ليس من الاعتماد على غير الله تعالى، بل هو من باب الأخذ بالأسباب، فتنبّه، ولا تغترّ به، والله تعالى أعلم.

(فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ) "إذا" هي الفجائيّة أيضًا؛ أي: ففاجأهم عدم وجود أبي الهيثم في بيته؛ كقوله تعالى: {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الروم: ٤٨]. (فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ) قال صاحب "التنبيه": إن كان أبا الهيثم فامرأته لا أعرفها، وإن كان أبا أيوب، فامرأته هي أم أيوب، وهي بنت قيس بن عمرو بن امرئ القيس من الخزرج، ولا أعرف اسمها، ولعلّ اسمها كنيتها. انتهى (٢).

(قَالَتْ: مَرْحَبًا، وَأَهْلًا) قال النوويّ - رحمه الله -: كلمتان معروفتان للعرب، ومعناهما: صادفت رَحْبًا، وسعةً، وأهلًا تأنس بهم. انتهى (٣).

وقال ابن منظور - رحمه الله -: وقولهم: مَرْحَبًا وأهلًا؛ أي: أتيت سعةً، وأتيت أهلًا، فاستأنِس، ولا تستوحش، قال: وقيل: معنى مَرْحَبًا: أتيت، أو لقيت رُحْبًا وسعةً، لا ضِيقًا، وكذلك إذا قال: سهلًا، أراد: نزلت بلدًا سهلًا،


(١) "شرح الزرقاني" ٤/ ٣٩٦.
(٢) "تنبيه المعلم" ص ٣٥١.
(٣) "شرح النوويّ" ١٣/ ٢١٢.