للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نصف مدّ من شعير، فطحنته، ثم عَمَدت إلى عُكّة فيها شيء من سَمْن، فاتخذت منه خَطِيفة. . ." الحديث.

و"الْخَطِيفة": هي العَصِيدة وزنًا ومعنًى، وهو أيضًا عند البخاريّ في "الأطعمة" (١).

(ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا) - بكسر الخاء المعجمة -: ثوب تُغطّي به المرأة رأسها، والجمع: خُمُرٌ، ككتاب وكُتُب، واختمرت المرأة، وتخمّرت: لبست الخمار (٢). (فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ)؛ أي: ببعض ذلك الخمار، (ثُمَّ دَسَّتْهُ)؛ أي: أخْفَتْه، يقال: دسّه في التراب دَسًّا، من باب قَتَلَ: دفنته فيه، وكلُّ شيء أخفيته فقد دسسته، ومنه يقال للجاسوس: دسيس القوم (٣). (تَحْتَ ثَوْبِي) قال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "فدسّته تحت ثوبي" كذا في كتاب مسلم عند سائر رواته، وفي "الموطّأ": "تحت يدي أي: إبطي، والدّسّ: وضع الشيء في خفية ولطافة. انتهى (٤).

(وَرَدَّتْنِي بِبَعْضِهِ) من الرّدّ؛ أي: أعادت بعضه عليّ، وألبستنيه، ويقال: إنه من التردية، وهو إلباس الرداء؛ أي: جعلت الطرف الثاني من الخمار عليه رداء غطّته به، وما قيل: من أن معناه: ردّت جوعي ببعضه؛ أي: ببعض ذلك الطعام، فمعنى باطل، واضح البطلان.

وفي رواية للبخاريّ في "المناقب": "ولاثتني ببعضه"؛ أي: لَفَّتني به، يقال: لاث العمامة على رأسه؛ أي: عَصَبها، والمراد أنها لَفّت بعضه على رأسه، وبعضه على إبطه.

(ثُمَّ أَرْسَلَتْنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: فَذَهَبْتُ بِهِ)؛ أي: بالطعام الذي دسّته تحت ثوبه، (فوَجَدْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، وَمَعَهُ النَّاسُ) جملة في محلّ نصب على الحال من المفعول، (فَقُمْتُ عَلَيْهِمْ) هذا من ذكاء أنس - رضي الله عنه - وفِطنته حيث إنه لم يذكر للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما أُرسل به؛ لئلا يشاركه الناس


(١) "الفتح" ٨/ ٢٣٧، كتاب "المناقب" رقم (٣٥٧٨).
(٢) "المصباح المنير" ١/ ١٨١.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٩٤.
(٤) "المفهم" ٥/ ٣١٠.