للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(اعلم): أنه وقع في هذا الحديث قوله: "مَا بَيْنَ السِّتّمِائَةٍ إِلَى السَّبْعِمِائَةٍ"، فقال النوويّ - رحمه الله -: كذا وقع في مسلم، وهو مشكل من جهة العربية، وله وجه، وهو أن يكون "مائة" في الموضعين منصوبًا على التمييز، على قول بعض أهل العربية (١)، وقيل: إن "مائة" في الموضعين مجرورة، على أن تكون الألف واللام زائدتين، فلا اعتداد بدخولهما.

قال: ووقع في "صحيح البخاريّ": "ما بين ستمائة إلى سبعمائة"، وهذا ظاهرٌ، لا إشكال فيه من جهة العربية (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: وجه الإشكال الذي أشار إليه النوويّ - رحمه الله - أن القاعدة النحويّة في العدد أنه إذا كان العدد مضافًا، وأردت تعريفه، عَرَّفتَ الآخرَ، وهو المضاف إليه، فيصير الأول مضافًا إلى معرفة، فتقول: ثلاثة الأثواب، ومائة الدرهم، وألفُ الدينار، ومنه قول الشاعر [من البسيط]:

مَا زَالَ مُذْ عَقَدَتْ يَدَاهُ إِزَارَهُ … فَسَمَا فَأَدْرَكَ خَمْسَةَ الأَشْبَارِ

وقول الآخر [من الطويل]:

وَهَلْ يَرْجِعُ التَّسْلِيمَ أَوْ يَكْشِفُ العَنَا … ثَلَاثُ الأَثَافِي وَالدِّيَارُ البَلَاقِعُ

وأجاز الكوفيّون "الثلاثة الأثوابِ"؛ تشبيهًا بـ "الحسنِ الوجهِ"، قال الزمخشريّ: وذلك بمعزل عند أصحابنا - يعني: البصريين - عن القياس، واستعمال الفصحاء.

وإذا كان العدد مركّبًا ألحقتَ حرف التعريف بالأول، فتقول: الأحد عشر درهمًا، والاثنتا عشرة جاريةً، ولم تُلحقه بالثاني؛ لأنه بمنزلة بعض الاسم، وأجاز ذلك الأخفش، والكوفيّون، فقالوا: الأحد العشر درهمًا، والاثنتا العشرة جاريةً؛ لأنهما في الحقيقة اسمان، والعطف مرادٌ فيهما، ولذلك بُنيا، ويدلُّ عليه إجازتهم ثلاثة عشر، وأربعة عشر؛ إذ تاء التأنيث لا تقع حشوًا، فلولا ملاحظة العطف لَمَا جاز ذلك.

ولا يجوز الأحدَ العشرَ الدرهمَ؛ لأن التمييز واجب التنكير؛ نعم يجوز عند الكوفيين، وقد استعمل ذلك بعضُ الكُتّاب.


(١) هو مذهب الكوفيين.
(٢) راجع: "شرح النوويّ" ٢/ ١٧٩.