للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أزل أُحبّ الدباء بعد ذلك اليوم". انتهى (١).

٨ - (ومنها): أن فيه فضيلةً ظاهرةً لأنس؛ لاقتفائه أثر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حتى في الأشياء الجبِلّيّة، وكان يأخذ نفسه باتباعه فيها - رضي الله عنه -.

٩ - (ومنها): إباحة إجالة اليد في الصحفة، قال ابن عبد البرّ - رحمه الله -: وهذا عند أهل العلم على وجهين: أحدهما: أن ذلك لا يَحْسُن، ولا يَجْمُل إلا بالرئيس، ورب البيت، والآخر: أن المرق، والإدام، وسائر الطعام، إذا كان فيه نوعان، أو أنواع، فلا بأس أن تجول اليد فيه للتخيّر مما وُضِع في المائدة والصحفة، من صنوف الطعام؛ لأنه لذلك قُدِّم ليأكل كلٌّ ما أراد، وهذا كله مأخوذ من هذا الحديث، ألا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالت يده في الصحفة، يتّبع الدباء، فكذلك سائر الرؤساء، ولمّا كان في الصحفة نوعان، وهما اللحم، والدباء، حَسُنَ بالآكل أن تجول يده فيما اشتَهَى من ذلك، بدليل هذا الحديث، ولا يجوز ذلك على غير هذين الوجهين؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن أبي سلمة - رضي الله عنهما -: "سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكل مما يليك"، وإنما أَمَره أن يأكل مما يليه؛ لأن الطعام كله كان نوعًا واحدًا، والله أعلم، كذلك فسَّره أهل العلم. انتهى (٢).

١٠ - (ومنها): بيان ما كان القوم عليه من شَظَف العيش في أكل الشعير، وما أشبهه، وما كانوا عليه من المواساة، وإطعام الطعام، مع ما كانوا فيه من هذه الحال، وقد رُوي أنهم كانوا يُكَثِّرون طعامهم بالدباء (٣)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٥٣١٥] (. . .) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: دَعَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَجِيءَ بِمَرَقَةٍ، فِيهَا دُبَّاءٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْكُلُ مِنْ ذَلِكَ


(١) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١/ ٢٧٦ - ٢٧٧.
(٢) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١/ ٢٧٦ - ٢٧٧.
(٣) "التمهيد" لابن عبد البرّ ١/ ٢٧٦ - ٢٧٧.