للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى) لم تُعرف أيضًا، (فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ)؛ أي: مثل ما قالت الأولى: "والذي بعثك بالحقّ ما عندي إلا ماء"، (حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ، فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللهُ؟) "من" يَحْتَمِل أن تكون موصولة مبتدأ، خبرها جملة "رحمه الله"، ويَحْتَمل أن تكون استفهاميّة مبتدأ خبرها جملة "يُضيف. . . إلخ أي: أي شخص يقوم بضيافته؟، وعليه فقوله: "يرحمه الله" جملة خبريّة حال من الفاعل، ويَحْتَمل أن تكون جملة دعائيّة، فتكون مستأنفةً، وعلى الأول فهي خبريّة.

ولفظ البخاريّ: "ألا رجلٌ يُضيفه الليلة يرحمه الله".

وقوله: "يُضيف" بضمّ أوله، من الأضافة رباعيًّا، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: الضَّيْفُ: معروف، ويُطلق بلفظ واحد على الواحد وغيره؛ لأنه مصدر في الأصل من ضَافَهُ ضَيْفًا، من باب باع: إذا نزل عنده، وتجوز المطابقة، فيقال: ضَيْفٌ، وضَيْفَةٌ، وأَضْيَافٌ، وضِيفَانٌ، وأَضَفْتُهُ، وَضَيَّفْتُهُ: إذا أنزلته، وقَرَيته، والاسم: الضِّيَافَةُ، قال ثعلب: ضِفْتَهُ: إذا نزلت به، وأنت ضيف عنده، وأَضَفْتَهُ بالألف: إذا أنزلته عندك ضَيْفًا، وأَضَفْتَهُ إِضَافَةً: إذا لجأ إليك من خوف، فَأَجَرْتَه، واسْتَضَافَنِي، فَأَضَفْتُهُ: استجارني، فأجرته، وتَضَيَّفَنِي، فَضَيَّفْتُهُ: إذا طلب الْقِرَى، فَقَرَيته، أو استجارك، فمنعته ممن يطلبه، وأَضَافَهُ إلى الشيء إِضَافَةً: ضمّه إليه، وأماله. انتهى (١).

وقوله: (هَذَا اللَّيْلَةَ) إشارة إلى الرجل المجهود، و"الليلة" منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ "يُضيف وفي رواية للبخاريّ: "ألا رجلٌ يُضيفه هذه الليلة". (فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ) قال في "الفتح": زعم ابن التين أنه ثابت بن قيس بن شَمّاس، وقد أورد ذلك ابن بشكوال من طريق أبي جعفر بن النحاس، بسند له عن أبي المتوكل الناجيّ مرسلًا، ورواه إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن"، ولكن سياقه يشعر بأنها قصة أخرى؛ لأن لفظه: "أن رجلًا من الأنصار عَبَر عليه ثلاثة أيام، لا يجد ما يُفطر عليه، ويصبح صائمًا حتى فَطِن له رجل من


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٦٦.