للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كونها حافلة؛ أي: ممتلئة الضرع باللبن، وفي بعض النسخ: "حافل" بدون هاء، وهو لغة، قال المجد رحمه الله: وضَرْع حافلٌ: كثيرٌ لَبَنُه، وجَمْعه كرُكَّعٍ، وناقةٌ حافلةٌ، وحَفُولٌ، وشاةٌ حافلٌ، وقال أيضًا: حَفَلَ الماء واللبن يَحْفِل حَفْلًا، وحُفُولًا، وحَفِيلًا: اجتمع، كتحفّل، واحتفل. انتهى (١).

(وَإِذَا هُنَّ)؛ أي: الأعنز، (حُفَّلٌ) بضمّ الحاء، وتشديد الفاء: جمع حافل، أو حافلة، كما قال في "الخلاصة":

وَفُعَّلٌ لِفَاعِلٍ وَفَاعِلَهْ … وَصْفَيْنِ نَحْوُ عَاذِلٍ وَعَاذِلَهْ

والمعنى: مجتمع لبنهنّ في ضروعهنّ، وقوله: (كُلُّهُنَّ) توكيد لـ "حُفّل"، وهذا من أعلام نبوّته -صلى الله عليه وسلم- الظاهرة، ومعجزته الباهرة، حيث صرن كلّهنّ حُفّلًا بعدما حُلب لبنهنّ في وقت قريب.

قال القرطبيّ رحمه الله: ولمّا فَهِم المقداد منه -صلى الله عليه وسلم- الدعاء، وطلب أن يفعل الله ذلك معه في الحال؛ عرف أن الله تعالى يجيبه، ولا يردّ دعوته، لا سيما عند شدَّة الحاجة، والفاقة، فقام لينظر له شيئًا تكون به إجابة دعوته، فوجد الأعنز حُفّلًا؛ أي: ممتلئة الضروع باللبن. انتهى (٢).

(فَعَمَدْتُ) بفتح الميم؛ أي: قصدت (إِلَى إِنَاءٍ لآلِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أي: أهل

بيته، (مَا كَانُوا)؛ أي: آل محمد -صلى الله عليه وسلم- (يَطْمَعُونَ)؛ أي: يرجون (أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ)

لِكِبَره، وقلّة اللبن عندهم، ووقع في بعض النسخ: "يطعمون" بدل "يطمعون"؛ أي: كانوا لا يأكلون في ذلك الإناء، ولا يستعملونه في الأكل. (قَالَ) المقداد -رضي الله عنه- (فَحَلَبْتُ فِيهِ)؛ أي: في ذلك الإناء، (حَتَّى عَلَتْهُ)؛ أي: ارتفعت على فم ذلك الإناء (رَغْوَةٌ) بتثليث الراء، وإسكان الغين المعجمة: هو الزَّبَد الذي يعلو اللبن عند الصبّ والحلب، قال المجد رحمه الله: رَغْوةُ اللبنِ مثلّثةً، ورُغَاوته، ورُغايته، مضمومتين، ويُكسران: زَبَدُهُ. انتهى.

وقال الفيّوميّ رحمه الله: الرَّغْوَةُ: الزَّبَدُ يَعْلُو الشيءَ عند غَلَيانه، بفتح الراء، وضمّها، وحُكي الكسر، وجَمْع المفتوح: رَغَوَاتٌ، مثل شَهْوَةٍ وشَهَواتٍ،


(١) "القاموس المحيط" ص ٣٠٤ - ٣٠٥.
(٢) "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" ٥/ ٣٣٣ - ٣٣٤.