للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعلى كل حال فالمتن صحيحٌ، لا مَطْعَن فيه، والله أعلم. انتهى (١).

وقال في "الفتح" بعد ذكر رواية أبي حازم عن الأعمش ما نصّه:

وللأعمش فيه شيخ آخر، أخرجه مسلم من طريق أبي معاوية عنه، عن أبي يحيى مولى آل جعدة، عن أبي هريرة، وأخرجه أيضًا من طريق أبي معاوية، وجماعة عن الأعمش، عن أبي حازم، واقتصر البخاريّ على أبي حازم؛ لكونه على شرطه دون أبي يحيى، وأبو يحيى مولى جعدة بن هُبيرة المخزوميّ مدنيّ، ما له عند مسلم سوى هذا الحديث، وقد أشار أبو بكر بن أبي شيبة فيما رواه ابن ماجه عنه إلى أن أبا معاوية تفرّد بقوله: "عن الأعمش، عن أبي يحيى"، فقال لمّا أورده من طريقه: يخالفه فيه بقوله: عن أبي حازم، وذكره الدارقطنيّ فيما انتَقَد على مسلم، وأجاب عياض بأنه من الأحاديث المعللة التي ذَكَر مسلم في خطبة كتابه أنه يوردها، ويبيّن علّتها، كذا قال.

قال الحافظ: والتحقيق أن هذا لا علّة فيه لرواية أبي معاوية الوجهين جميعًا، وإنما كان يأتي هذا لو اقتصر على أبي يحيى، فيكون حينئذ شاذًّا، أما بعد أن وافق الجماعة على أبي حازم، فتكون زيادة محضةً، حفظها أبو معاوية، دون بقية أصحاب الأعمش، وهو من أحفظهم عنه، فيُقبَل، والله أعلم. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله - (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا أجاب الحافظ - رحمه الله - عن هذا الانتقاد، وله وجهٌ، إلا أن ما سلكه القاضي عياض - رحمه الله - هو الأظهر بصنيع مسلم - رحمه الله -، وذلك أنه إنما أورد روايتي أبي معاوية ليُبيّن علّة الرواية الأولى منهما، وهي طريق الأعمش، عن أبي يحيى مولى آل جعدة، فبيّن - رحمه الله - أن رواية أبي معاوية التي وافق فيها الجماعة من كون الأعمش يروي عن أبي حازم، لا عن أبي يحيى هي المحفوظة، وأما الرواية المخالفة لها، فهي شاذّة معلّة بها، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ٢٦ - ٢٧.
(٢) "الفتح" ١٢/ ٣٣١ - ٣٣٢، كتاب "الأطعمة" رقم (٥٤٠٩).