للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(مِنْ دِيبَاجٍ) بالكسر؛ أي: حرير، (أُهْدِيَ لَهُ) بالبناء للمفعول، والجملة في محلّ نصب على الحال، أو صفة بعد صفة لـ "قباءً"، ولم أعرف المُهدي، والله تعالى أعلم.

قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: كان هذا اللُّبس منه - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يُحرّم الحرير، ثم لَمّا لَبِسه أُعلم بالتحريم، فخلعه مُسرعًا، وقد دلّ على هذا قوله: "فنهاني عنه جبريل". انتهى (١).

(ثُمَّ أَوْشَكَ) قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: معناه: أسرع، وقارب، وقد وقع هنا بلفظ الماضي، وقد أنكر الأصمعيّ أن يقال من هذه اللفظة غير المستقبَل خاصّه، كقولك: يوشك - بكسر الشين - وقد قال الخليل: إنها تقال، وهذا الحديث يُصحّح قول الخليل. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ: يُوشِكُ أن يكون كذا، من أفعال المقاربة، والمعنى: الدُّنُوُّ من الشيء، قال الفارابيُّ: الإِيْشَاكُ: الإسراع، وفي "التهذيب" في باب الحاء: وقال قتادة: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُونَ: إِنَّ لنَا يَوْمًا أَوْشَكَ أَنْ نَسْتَرِيحَ فِيه، ونَنْعَمَ، لكن قال النحاة: استعمال المضارع أكثر من الماضي، واستعمال اسم الفاعل منها قليل، وقال بعضهم: وقد استعملوا ماضيًا ثلاثيًّا، فقالوا: وَشُكَ، مثل قَرُب وُشْكًا. انتهى (٣).

(أَنْ نَزَعَهُ) وفي بعض النسخ: "أن ينزعه"، فـ "أن" مصدريّة؛ أي: قارب نَزْعه لُبسَهُ؛ يعني: أنه لم يلبث بعدَ لُبسه، بل نَزَعه فورًا.

(فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ) - رضي الله عنه - (فَقِيلَ لَهُ)؛ أي: قال له الصحابة الحاضرون لديه، ولم يُسمَّ أحد منهم، (قَدْ أَوْشَكَ مَا نَزَعْتَهُ يَا رَسُولَ اللهِ) "ما" مصدريّة؛ أي: قارب نزعك إياه اللبس.

وقال القرطبيّ: وقع في بعض روايات مسلم: "أوشك ما نزعته"، وعند بعضهم: "قد أوشك"، وهو كلام غير مستقيم، وصوابه - والله أعلم -:


(١) "المفهم" ٥/ ٣٩٧.
(٢) "المفهم" ٥/ ٣٩٨.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٦١.