قال: وأما أُكيدر فهو بضم الهمزة، وفتح الكاف، وهو أكيدر بن عبد الملك الكِنْديّ، قال الخطيب البغداديّ في كتابه "المبهمات": كان نصرانيًّا، ثم أسلم، قال: وقيل: بل مات نصرانيًّا، وقال ابن منده، وأبو نعيم الأصبهانيّ في كتابيهما في معرفة الصحابة: إن أُكيدرًا هذا أسلم، وأهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُلّة سيراء، قال ابن الأثير في كتابه "معرفة الصحابة": أما الهديّة، والمصالحة، فصحيحان، وأما الإسلام فغلطٌ، قال: لأنه لم يُسْلم بلا خلاف بين أهل السِّيَر، ومن قال: أسلم فقد أخطأ خطأً فاحشًا، قال: وكان أكيدر نصرانيًّا، فلما صالحه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عاد إلى حصنه، وبقي فيه، ثم حاصره خالد بن الوليد في زمان أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، فقتله مشركًا نصرانيًّا؛ يعني: لنقضه العهد، قال: وذكر البلاذريّ أنه قَدِم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعاد إلى دُومة، فلما تُوُفّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدّ أكيدر، فلما سار خالد من العراق إلى الشام قتله، وعلى هذا القول لا ينبغي أيضًا عَدّه في الصحابة، هذا كلام ابن الأثير. انتهى (١).
وقال في "الفتح": وأكيدر دُومة هو أكيدر تصغير أكدر، ودُومة بضم المهملة، وسكون الواو، بلد بين الحجاز والشام، وهي دُومة الجندل، مدينة بقرب تبوك، بها نخل، وزرع، وحصن، على عشر مراحل من المدينة، وثمان من دمشق، وكان أُكيدر ملكها، وهو أكيدر بن عبد الملك بن عبد الجنّ - بالجيم والنون - ابن أعباء بن الحارث بن معاوية، ينسب إلى كِنْدة، وكان نصرانيًّا، وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أرسل إليه خالد بن الوليد في سريّة، فأسره، وقَتَل أخاه حسان، وقَدِم به المدينة، فصالحه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الجزية، وأطلقه، ذَكَر ابن إسحاق قصته مطوَّلةً في "المغازي".
وروى أبو يعلى بإسناد قويّ من حديث قيس بن النعمان أنه لَمّا قَدِم أخرج قَباء من ديباج منسوجًا بالذهب، فردّه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليه، ثم إنه وَجَد في نفسه من ردّ هديته، فرجع به، فقال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ادفعه إلى عمر … "