للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الداعي"، فإن هذا إنما قاله تواضعًا، لا أنه كان فيه مبادرة وعَجَلة لو كان مكان يوسف - عليه السلام -، والتواضع لا يصغّر كبيرًا، ولا يَضَعُ رفيعًا، ولا يُبطل لذي حقّ حقًّا، بل يوجب لصاحبه فضلًا، ويُكسبه جلالة وقدرًا.

٦ - (ومنها): أنه إذا اتُّهم المسلمُ بشيءٍ ما، ثم ظهرت براءته منه، ينبغي له أن يُظهِر للناس تلك البراءة، كما طلب يوسف - عليه السلام - ذلك، وفضّله على راحة نفسه بالخروج من السجن مع مشقّته، ولكنه فضّل إظهار نزاهته لدى جماهير الناس؛ لأنه قد أشيع بينهم اتّهامه بما هو بريء منه، فأراد؛ أن يعلم الجميع براءته، كما وقر في نفوسهم ضدّها، فهكذا ينبغي للعبد أن يبرّئ ساحته، ويزيل الشكوك من قلوب الناس؛ اقتداءً بهذا النبيّ الكريم - عليه السلام -، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتصل إلى الإمام مسلم بن الحجَّاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٩٠] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي بِهِ - إِنْ شَاءَ اللهُ - عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِي، حَدَّثَنَا جُويرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّب، وَأَبَا عُبَيْدٍ، أَخْبَرَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ حَدِيثِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيّ، وَفِي حَدِيثِ مَالِكٍ: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠] قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ هَذه الْآيةَ حَتى جَازَهَا).

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ) - بضمّ المعجمة، وفتح الموحّدة - أبو عبد الرحمن البصريّ، ثقةٌ جليلٌ [١٠] (ت ٢٣١) (خ م د س) تقدم في "الإيمان" ٤٧/ ٢٩٧.

[تنبيه]: قوله: (وَحَدَّثَني بِهِ - إِنْ شَاءَ اللهُ - … إلخ) قال النوويّ - رحمه الله -: هذا مما قد يُنكِره على مسلم من لا علم عنده، ولا خِبْرَة لديه؛ لكون مسلم - رحمه الله - قال: "وحدثني به، إن شاء الله تعالى"، فيقول: كيف يحتجّ بشيء يَشُكّ فيه؟ وهذا خَيَالٌ باطلٌ من قائله؛ فإن مسلمًا - رحمه الله -، لم يَحْتَجَّ بهذا الإسناد، وإنما ذَكَره متابعةً واستشهادًا، وقد قَدَّمنا أنهم يَحتملون في المتابعات والشواهد، ما لا