للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن تُجعل النون محل الإعراب، مع لزوم الياء مطلقًا، وهي لغة مشهورة، واقتصر عليها الأزهريّ؛ لأنه صار عَلَمًا مفرد الدلالة، فأشبه المفردات، والنسبة إليه بَحْرَانِيٌّ. انتهى (١).

وكان أبو هريرة - رضي الله عنه - أميرًا على البحرين من قِبَل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، ففي "مصنف عبد الرزّاق"، قال:

(٢٠٦٥٩) - أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، أن عمر بن الخطاب استَعْمَل أبا هريرة على البحرين، فقَدِمَ بعشرة آلاف، فقال له عمر: استأثرت بهذه الأموال يا عدوّ الله، وعدوّ كتابه، قال أبو هريرة: لست عدوّ الله، ولا عدوّ كتابه، ولكني عدوّ من عاداهما، قال: فمن أين هي لك؟ قال: خَيْلٌ لي تناتجت، وغَلّةُ رقيق لي، وأُعطية تتابعت عليّ، فنظروه، فوجدوه كما قال، قال: فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله، فأبى أن يعمل له، فقال: أتكره العمل، وقد طَلَب العمل من كان خيرًا منك: يوسف؟ قال: إن يوسف نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة ابن أُميمة، أخشى ثلاثًا واثنين، قال له عمر: أفلا قلت: خمسًا؟ قال: لا، أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حُكم، ويُضْرَب ظهري، ويُنتزَع مالي، ويُشْتَم عرضي. انتهى (٢).

[تنبيه]: قوله: "وهو أمير على البحرين" لا يعارضه ما يأتي بعد من أنه كان يُستخلف على المدينة؛ لأنه باشر الأمرين، فيُحمل على أنه اتّفق له الواقعتان في البلدتين، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَهُوَ يَقُولُ: جَاءَ الأَمِيرُ) جملة حاليّة أيضًا، (جَاءَ الأَمِيرُ) كرّره للتأكيد، وهذا الكلام يَحْتَمِل أن يكون موجّهًا للرجل المذكور، كأن أبا هريرة لَمّا رآه على تلك الحالة شبّهه بالأمير الذي يتبختر، وَيعْجب بنفسه مسبلًا إزاره؛ لأن هذه عادة كثير من أصحاب السلطة.


(١) "المصباح المنير" ١/ ٣٦.
(٢) "مصنف عبد الرزاق" ١١/ ٣٢٣.