والحاصل أن بُطلان ما يُحكى في قصّة خاتم سليمان عليه السلام ظاهر، فلا يُغترّ بما كتبه بعض المفسّرين الذين لا هَمّ لهم إلا جَمْع الغثّ والسمين، وتضخيم كتبهم بالقصص الباطلة، والترّهات العاطلة، {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}[البقرة: ١٥٦].
٤ - (ومنها): أن فيه أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يورَث؛ إذ لو وُرِث لدُفع خاتمه إلى ورثته، بل كان الخاتم، والقدح، والسلاح، ونحوها، من آثاره الضرورية صدقة للمسلمين، يصرفها والي الأمر حيث رأى من المصالح، فجَعَل القَدَح عند أنس؛ إكرامًا له لخدمته، ومن أراد التبرك به لم يمنعه، وجَعَل باقي الأثاث عند ناس معروفين، واتّخَذ الخاتم عنده للحاجة التي اتخذه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لها، فإنها موجودة في الخليفة بعده، ثم الخليفة الثاني، ثم الثالث. انتهى.
وتعقّبه الحافظ قول النوويّ:"وإلا لدُفع خاتمه … إلخ"، فقال: وفيه نظر؛ لجواز أن يكون الخاتم اتُّخِذ من مال المصالح، فانتقل للإمام؛ لينتفع به فيما صُنع له.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما قاله النوويّ رحمه الله هو الظاهر، فلا معنى لتعقّب صاحب "الفتح" عليه، فتبصّر. والله تعالى أعلم.
٥ - (ومنها): جواز نقش الخاتم، ونقش اسم صاحب الخاتم، وجواز نقش اسم الله تعالى، قال النوويّ رحمه الله: هذا مذهبنا، ومذهب سعيد بن المسيِّب، ومالك، والجمهور، وعن ابن سيرين، وبعضهم كراهة نقش اسم الله تعالى، وهذا ضعيف، قال العلماء: وله أن ينقش عليه اسم نفسه، أو ينقش عليه كلمة حكمة، وأن ينقش ذلك مع ذكر الله تعالى. انتهى (١).
وقال القرطبيّ رحمه الله: فيه دليل على جواز نقش اسم صاحب الخاتم على خاتمه، إلا أن يكون اسمه محمدًا فلا يجوز النقش عليه؛ للنهي عن ذلك، وعلى جواز نقش اسم الله تعالى عليه، أو كلمة حكمة، أو كلمات من القرآن، ثم إذا نقش عليه اسم الله تعالى، وجعله في شماله؛ فهل يدخل به الخلاء، ويستنجي بشماله؟ خفَّفه سعيد بن المسيب، ومالك، وبعض أصحابه، ورُوي