غسان تُنْعِل الخيل، بالضم؛ أي: تجعل لها نعالًا، والحاصل أن الضمير إن كان للقدمين جاز الضم والفتح، وإن كان للنعلين تعيَّن الفتح، قاله في "الفتح"(١).
(أَو لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا") كذا في رواية مسلم، والضمير يعود على النعلين؛ لأن ذِكْر النعل قد تقدم، ووقع في رواية البخاريّ، وكذا هو في "الموطّأ": "أو لِيُحْفهما جميعًا"، قال النوويّ: وكلا الروايتين صحيح، والله أعلم.
وفي الرواية التالية: "لا يمش أحدكم في نعل واحدة، ليُنعلهما جميعًا، أو ليخلعهما جميعًا".
قال الخطابيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الحكمة في النهي أن النعل شُرعت لوقاية الرِّجل عما يكون في الأرض، من شوك، أو نحوه، فإذا انفردت إحدى الرجلين احتاج الماشي أن يتوقى لاحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى، فيخرج بذلك عن سجية مشيه، ولا يأمن مع ذلك من العثار، وقيل: لأنه لم يَعْدِل بين جوارحه، وربما نُسب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي، أو ضَعفه.
وقال ابن العربيّ: قيل: العلة فيها أنها مِشية للشيطان، وقيل: لأنها خارجة عن الاعتدال.
وقال البيهقيّ: الكراهة فيه للشهرة، فتمتدّ الأبصار لمن يُرَى ذلك منه، وقد ورد النهي عن الشهرة في اللباس، فكل شيء صَيّر صاحبه ذا شهرة، فحقّه أن يُجتنب.
وأما ما أخرجه مسلم من طريق أبي رَزين، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: "إذا انقطع شِسْع أحدكم فلا يمش في نعل واحدة، حتى يصلحها"، وله من حديث جابر: "حتى يصلح نعله"، وله ولأحمد من طريق همام، عن أبي هريرة: "إذا انقطع شسع أحدكم، أو شراكه، فلا يمش في إحداهما بنعل، والأخرى حافية، ليُحفهما جميعًا، أو لينعلهما جميعًا"، فهذا لا مفهوم له حتى يدلّ على الإذن في غير هذه الصورة، وإنما هو تصويرٌ خرج مخرج الغالب، ويمكن أن يكون من مفهوم الموافقة، وهو التنبيه بالأدنى على الأعلى؛ لأنه إذا