للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَو يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣]، فالواجب على المكلّف اتّباع سُنَّته، ولا يُنظر إلى خلاف من خالفها، وإن كان من الأكابر، بل يُعتذر عن هؤلاء الذين ذكر أنهم صبغوا بالسواد - إن ثبت عنهم - بأن النهي لم يَصِل إليهم، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، اللَّهم أرنا الحقّ حقًّا، وارزقنا اتّباعه، وأرنا الباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، آمين.

ورخّص فيه آخرون للمرأة تتزيّن به لبعلها، دون الرجل، وهذا قول إسحاق بن راهويه، وكأنه رأى أن النهي إنما جاء في حقّ الرجال، وقد جوّز للمرأة من خضاب اليدين، والرجلين ما لم يُجوّز للرجل، والله تعالى أعلم. انتهى كلام ابن القيّم - رَحِمَهُ اللهُ - (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي وجّه به ابن القيّم مذهب إسحاق رحمهما الله تعالى بأن المرأة تخالف الرجل في هذا الباب، حيث إن الشارع نهى الرجال من خضاب اليد والرِّجل، وأباحه للمرأة، فَقَصَر النهي عن الخضاب بالسواد على الرجل فقط، دون المرأة توجيه صحيح.

والحاصل: أن الذي تدلّ عليه الأدلة الصحيحة الصريحة هو تحريمُ الخضاب بالسواد، والله تعالى أعلم بالصواب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:

[٥٤٩٨] ( … ) - (وَحَدَّثَني أَبُو الطَّاهِر، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله، قَالَ: أُتِيَ بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَرَأْسُهُ، وَلِحْيَتُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "غَيِّرُوا هَذَا بِشَيْءٍ، وَاجْتَنِبُوا السَّوَادَ").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

وكلّهم تقدّموا قريبًا، و"أبو الطاهر" هو: أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السَّرْح المصريّ.


(١) "تهذيب السنن" ١١/ ١٧٢ - ١٧٣، من هامش "عون المعبود".