للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وابن لهيعة متكلَّم فيه، لكنه يصلح للاستشهاد به، ولا سيّما وقد عدّ بعضهم قتيبة ممن روى عنه قبل اختلاطه.

ومن الشواهد أيضًا ما أخرجه البيهقيّ رحمهُ اللهُ في "الكبرى"، قال:

(١٤٦٠٠) - أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلويّ، أنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، نا الحسن بن هارون، ثنا مكيّ بن إبراهيم، أنا عبد العزيز بن أبي روّاد، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ذكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "غَيِّروا الشيب، ولا تشبَّهوا باليهود، واجتنبوا السواد". انتهى (١).

وعبد العزيز بن أبي روّاد فيه كلام، والحسن بن هارون قال أبو حاتم: لا أعرفه، كما في "لسان الميزان" (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق بطلان دعوى الإدراج للفظ: "واجتنبوا السواد"، وأن الحديث صحيح، لا كلام فيه، وأن صبغ من يصبغ بالسواد متعلّلًا بالإدارج المذكور، باطل، فإياك وإياك أن تصبغ به، فتقع فيما نهى عنه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فتدخل في الوعيد الشديد الذي ذكره الله عزَّ وجلَّ في قوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَو يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣].

وقد ألّف بعض المعاصرين المحقّقين في هذه المسألة رسالة، منهم المحدّث الكبير الشيخ مقبل الوادعيّ اليمنيّ رحمهُ اللهُ في رسالته القيّمة في الخضاب (٣)، ومنهم الشيخ فريح بن صالح الهلال، فقد ألّف رسالة سمّاها: "إتحاف الأمجاد باجتناب تغيير الشيب بالسواد"، وقد قدّم لها سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمهُ اللهُ، وهي رسالة مفيدة كافية في الموضوع، فعليك بمراجعتهما، فراجعهما تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" ٧/ ٣١١.
(٢) ذكره الشيخ مقبل رحمهُ اللهُ في رسالته المذكورة ص ٤٦.
(٣) هي مطبوعة ضمن مجموعة رسائل علميّة، وكلها له رحمهُ اللهُ طبع دار الآثار، صنعاء.