(عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ)، واسم أبيه سُويد، (أَن نَاعِمًا أَبَا عَبْدِ اللهِ مَوْلَى أمِّ سَلَمَةَ) - رضي الله عنهما - (حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (يَقُولُ: رَأَى) هكذا في بعض النُّسخ، ووقع في معظمها:"ورأى" بالواو، والأول أولى، وهو الذي في "صحيح ابن حبّان"، و"معجم الطبرانيّ"، فتنبّه. (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِمَارًا مَوْسُومَ الْوَجْهِ)؛ أي: مكويّ وجهه للعلامة، وفي رواية ابن حبّان من طريق عبيد الله بن عبد الله عن ابن عبّاس:"أن العبّاس وسَمَ بعيرًا، أو دابّةً في وجهه، فرآه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فغضب، فقال عبّاس: لا أسمه إلا في آخره، فوسمه في جاعرتيه". (فَأَنكَرَ ذَلِكَ، قَالَ) ظاهره أن القائل هو النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وليس كذلك، بل القائل هو العبّاس، أو عبد الله ابنه، قال النوويّ - رحمه الله -: وأما القائل: "فوالله لا أسمه إلا أقصى شيء من الوجه"، فقد قال القاضي عياض: هو العباس بن عبد المطلب، كذا ذكره في "سنن أبي داود"، وكذا صرَّح به في رواية البخاريّ في "تاريخه"، قال القاضي: وهو في كتاب مسلم مشكلٌ، يوهم أنه من قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، والصواب أنه من قول العباس - رضي الله عنه - كما ذكرنا. انتهى كلام القاضي - رحمه الله -.
قال النوويّ: وقوله: يوهم أنه من كلام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليس هو بظاهر فيه، بل ظاهره أنه من كلام ابن عباس، وحينئذ يجوز أن تكون القضية جرت للعباس، ولابنه. انتهى.
وقال القرطبي - رحمه الله -: قوله: "قال: والله لا أسمه إلا أقصى شيء من الوجه" ظاهر مساق هذا الحديث في كتاب مسلم أن القائل هو ابن عباس، راوي الخبر، وليس كذلك؛ لِمَا صحَّ من رواية البخاريّ في "التاريخ"، وفي رواية أبي داود في "سننه" أن القائل هو العبّاس والد عبد الله، وهو أوَّل من كَوَى في الجاعرتين، لا ابنه. انتهى.
(فَوَاللهِ لَا أَسِمُهُ إِلَّا فِي أقصَى شَيءٍ)؛ أي: أبْعَدَه (مِنَ الْوَجْه، فَأَمَرَ) العبّاس، أو ابنه - رضي الله عنهما - (بِحِمَارٍ لَهُ، فَكُوِيَ) بالبناء للمفعول، (فِي جَاعِرَتَيْهِ) الجاعرتان هما حرفا الوَرِك المشرفان مما يلي الدُّبُر، قاله النوويّ، وقال ابن