رسول الله، من في الجنة؟ قال:"النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والوئيد في الجنة"، وحسناء مجهولة، لم يروِ عنها إلا عوفٌ الأعرابي.
ومنهم: من جزم لهم بالجنة؛ لحديث سمرة بن جندب - رضي الله عنه - في "صحيح البخاري" أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في جملة ذلك المنام، حين مَرّ على ذلك الشيخ، تحت الشجرة، وحوله ولدان، فقال له جبريل: هذا إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وهؤلاء أولاد المسلمين، وأولاد المشركين، قالوا: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ قال:"نعم، وأولاد المشركين".
ومنهم: من جزم لهم بالنار؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "هم مع آبائهم"، متّفقٌ عليه، لكن هذا في أحكام الدنيا؛ لأنه سئل عن أهل بيت يُبَيِّتُون، فقال:"هم منهم"، وفي لفظ:"هم من آبائهم"(١).
ومنهم: من ذهب إلى أنهم يُمْتَحَنون يوم القيامة في العَرَصات، فمن أطاع دخل الجنة، وانكشف علم الله فيهم بسابق السعادة، ومَن عَصَى دخل النار، داخرًا، وانكشف علم الله فيه بسابق الشقاوة.
قال ابن كثير: وهذا القول يجمع بين الأدلة كلها، وقد صَرَّحت به الأحاديث المتعاضدة الشاهد بعضها لبعض، وهذا القول هو الذي حكاه الشيخ أبو الحسن، عليّ بن إسماعيل الأشعريّ، عن أهل السنة والجماعة، وهو الذي نصره الحافظ أبو بكر البيهقيّ، في "كتاب الاعتقاد"، وكذلك غيره، من محققي العلماء والحفاظ والنقاد، وقد ذَكَر الشيخ أبو عمر بن عبد البر النَّمَريّ بعدما تقدم من أحاديث الامتحان، ثم قال: وأحاديث هذا الباب ليست قويةً، ولا تقوم بها حجة، وأهل العلم ينكرونها؛ لأن الآخرة دار جزاء، وليست بدار عمل، ولا ابتلاء، فكيف يُكَلَّفُون دخول النار، وليس ذلك في وسع المخلوقين، والله لا يُكَلِّف نفسًا إلا وسعها.
(١) فقد أخرج الشيخان عن ابن عباس، عن الصعب بن جثامة - رضي الله عنهم - قال: سُئل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن الذراريّ، من المشركين، يُبَيِّتُون، فيصيبون من نسائهم وذراريهم، فقال: "هم منهم"، لفظ مسلم.