للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (فَسَمَّاهُ الزورَ)؛ أي: الكذب، والتزيين بالباطل، ولا شك أن وَصْل الشعر منه، وفيه طهارة شعر الآدمي، وقال ابن الأثير - رَحِمَهُ اللهُ -: الزور الكذب، والباطل، والتهمة، ومنه سُمّي شاهد الزور، وسَمَّى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الوصل زورًا؛ لأنه كذب، وتغيير خلق الله تعالى، ذكره في "العمدة" (١).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال:

[٥٥٦٩] ( … ) - (وَحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: أَخْبَرَنَا مُعَاذٌ - وَهُوَ ابْنُ هِشَام - حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّب، أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: إنَّكُمْ قَدْ أَحْدَثْتُمْ زِيَّ سَوْءٍ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الزُّور، قَالَ: وَجَاءَ رَجُلٌ بِعَصًا عَلَى رَأْسِهَا خِرْقَةٌ، قَالَ مُعَاوَيةُ: ألَا وَهَذَا الزُّورُ، قَالَ قتَادَةُ: يَعْني مَا يُكَثِّرُ بِهِ النِّسَاءُ أَشْعَارَهُنَّ مِنَ الْخِرَقِ).

رجال هذا الإسناد: سبعة:

وكلّهم تقدّموا قريبًا.

وقوله: (أَنَّ مُعَاوِيَةَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: إِنَّكُمْ قَدْ أَحْدَثْتُمْ زِيَّ سَوْءٍ)؛ أي: زيًّا قبيحًا، وإضافة "زيّ" إلى "سَوْء" - بفتح السين - من إضافة الموصوف إلى الصفة، وقال المرتضى في "شرح القاموس": "الزيّ " بالكسر: الهيئة، واللباس، وأصله زِوْيٌ، قاله الجوهريّ، وقال الفراء: الزيُّ: الهيئة والمنظر، وقُرئ: {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} [مريم: ٧٤] بالراء، والزاي، وجمعه: أزياء، وقال الليث: تَزَيَّى الرجل بزيّ حسنٍ، ومنه قول المتنبي [من الطويل]:

وَقَدْ يَتَزَيَّى بِالْهَوَى غَيْرُ أَهْلِهِ … وَيَسْتَصْحِبُ الإِنْسَانُ مَنْ لَا يُلَائِمُهْ

وقد اعترض تلميذه ابن جني عليه، وقال له: هل تعرفه في شعر، أو كتاب في اللغة؟ فقال: لا، فقال: كيف أقدمت عليه؟ قال: لأنه جرى عليه الاستعمال، فقال: أرى الصواب: يتزوَّى، من زُوِيت لي الأرض. انتهى (٢).


(١) "عمدة القاري" ٢٢/ ٦٦.
(٢) "تاج العروس" ١/ ٨٤٢٢ - ٨٤٢٣.